وعَلى أَنه لَو قَالَ قَائِل إِن مَا يظْهر من حركات النُّجُوم وسيرها ودوران الْفلك على نمط وَاحِد وسجية وَاحِدَة غير مُخْتَلفَة يدل على أَنَّهَا مجبولة على ذَلِك ومضطرة إِلَيْهِ ومطبوعة عَلَيْهِ على قَول أَصْحَاب الطباع لَكَانَ ذَلِك أقرب لِأَن المطبوع المجبول على الْفِعْل من شَأْنه أَن يكون مَا يضْطَر إِلَيْهِ على سجية وَاحِدَة وَلَيْسَ كَذَلِك الْمُتَصَرف بِاخْتِيَارِهِ لِأَنَّهُ يفعل الشَّيْء وضده وخلافه فتأثيرات هَذِه النُّجُوم لما تؤثره على سنَن وَاحِد يجْرِي مجْرى تَأْثِير النَّار والثلج للتسخين والتبريد على سجية وَاحِدَة وتأثير الطَّعَام وَالشرَاب وَمَا جرى مجْرى ذَلِك فَمَا ظهر من حركاتها أقرب إِلَى أَن يدل على قَول أَصْحَاب الطباع
فَأَما اسْتِدْلَال من اسْتدلَّ مِنْهُم على حَيَاة الْفلك الْأَعْظَم وَهَذِه الأفلاك الَّتِي دونه لعظم أجرامها وضيائها وإشراقها وعلو شَأْنهَا فَإِنَّهُ من وساوس النُّفُوس وَذَلِكَ أَن عظم الْجِسْم وعلو مَكَانَهُ وَشدَّة إشراقه وضيائه لَا يدل على كَونه حَيا وَكَذَلِكَ ظلمَة الْجِسْم ولطافته وَصغر شَأْنه لَا يدل على الْمَنْع من كَونه حَيا لِأَنَّهُ قد يكون