النَّبِي ومسمع وَكَيف صدقت بِحَيْثُ لم ينكرها أحد من منكري النُّبُوَّة وَلَا يتعجبن متعجب من قَوْلنَا إِن المتخيل قد يرتسم فِي بنطاسيا فيشاهد فان المجانين قد يشاهدون مَا يتخيلون وَلذَلِك عِلّة تتصل بابانة السَّبَب الَّذِي لأَجله يعرض للممرورين أَن يخبروا بالأمور الكائنة فيصدقون فِي الْكثير وَلذَلِك مُقَدّمَة وَهِي أَن الْقُوَّة المتخيلة كالموضوعة بَين قوتين مستعملتين لَهَا سافلة وعالية
أما السافلة فالحس فانها تورد عَلَيْهَا صورا محسوسة تشغلها وَأما الْعَالِيَة فالعقل فانه بقوته يصرفهَا عَن التخيل للكاذبات الَّتِي لَا توردها الْحَواس عَلَيْهَا وَلَا يستعملها الْعقل فِيهَا واجتماع هَاتين القوتين على اسْتِعْمَالهَا يحول بَينهَا وَبَين التَّمَكُّن من إصدار أفعالها الْخَاصَّة على التَّمام حَتَّى تكون الصُّورَة الَّتِي تحضرها بِحَيْثُ تنطبع فِي بنطاسيا انطباعا تَاما فيحس فاذا أعرض عَنْهَا إِحْدَى القوتين لم يبعد أَن تُقَام الْأُخْرَى فِي كثير من الْأَحْوَال فَلم يمْتَنع عَن فعلهَا فتمنعها فَتَارَة تتخلص عَن مجاذبة الْحس فتقوى على مقاومة الْعقل وتمعن فِيمَا هُوَ فعلهَا الْخَاص غير ملتفت إِلَى معاندة الْعقل وَهَذَا فِي حَال النّوم وَعند احضارها الصُّورَة كالمشاهدة وَتارَة تتخلص عَن سياسة الْعقل عِنْد فَسَاد الْآلَة الَّتِي يستعملها الْعقل فِي تَدْبِير الْبدن فيستعصي على الْحس وَلَا يُمكنهَا من شغلها بل يمعن إِيرَاد أفاعيلها حَتَّى يصير مَا ينطبع فِيهَا من الصُّور كالمشاهدة لانطباعه فِي الْحَواس وَهَذَا فِي حَال الْجُنُون
وَقد يعرض مثل ذَلِك عِنْد الْخَوْف لما يعرض من ضعف النَّفس وانخذالها واستيلاء الْوَهم وَالظَّن المعينين للتخيل على الْعقل فيشاهد أمورا موحشة فالممرورون والمجانين يعرض لَهُم أَن يتخيلوا مَا لَيْسَ مَوْجُودا بِهَذَا السَّبَب