تنعطف فائدتها على مَا سبق من معرفَة النَّفس وقواها وَبِذَلِك نتدرج إِلَى معرفَة الْحق جلّ جَلَاله وَمَعْرِفَة صِفَاته وأفعاله لِأَن المبادىء انما ترَاد للنهايات والنهايات انما تظهر للمبادىء فَكل علم لَا يُؤَدِّي إِلَى معرفَة الْبَارِي جلّ جَلَاله فَهُوَ عديم الجدوى والفائدة وَقَلِيل النَّفْع والعائدة
فَنَقُول إِنَّا أثبتنا النَّفس على الْجُمْلَة بِمَعْرِِفَة آثارها وأفعالها فَالنَّفْس النباتية عرفناها بآثارها من التغذية والتنمية وتوليد الْمثل وَالنَّفس الحيوانية بآثارها من الْحس وَالْحَرَكَة الاختيارية وَالنَّفس الانسانية بِالتَّحْرِيكِ وَإِدْرَاك الكليات وَعلمنَا أَن هَذِه الْأَفْعَال تتَعَلَّق بمبدأ يُسمى ذَلِك المبدأ نفسا فَيكون قوامها ووجودها وخاصيتها بذلك المبدأ الَّذِي هُوَ النَّفس فَكَذَلِك فَاعْلَم أَن الْمَوْجُود على قسمَيْنِ إِمَّا أَن يتَعَلَّق وجوده بِغَيْرِهِ بِحَيْثُ يلْزم من عدم ذَلِك الْغَيْر عَدمه أَو لَا يتَعَلَّق فان تعلق سميناه مُمكنا وَإِن لم يتَعَلَّق سميناه وَاجِبا بِذَاتِهِ فَيلْزم من هَذَا فِي وَاجِب الْوُجُود معرفَة أُمُور
الْأَمر الأول أَنه لَا يكون عرضا لِأَنَّهُ يتَعَلَّق بالجسم وَيلْزم عَدمه بِعَدَمِ الْجِسْم
الثَّانِي لَا يكون جسما لِأَن الْجِسْم منقسم بالكمية إِلَى الْأَجْزَاء فَتكون الْجُمْلَة مُتَعَلقَة بالأجزاء فَتكون معلولة وَأَيْضًا فان الْجِسْم مركب من الْمَادَّة وَالصُّورَة وكل وَاحِد مِنْهُمَا مُتَعَلق بِالْآخرِ نوع تعلق