الثَّالِث أَنه لَا يكون مثل الصُّورَة لِأَنَّهَا مُتَعَلقَة بالمادة وَلَا يكون مثل الْمَادَّة لِأَنَّهَا مَحل الصُّورَة وَلَا تُوجد إِلَّا مَعهَا
الرَّابِع أَنه لَا يكون وجوده غير ماهيته لِأَن الْمَاهِيّة غير الْآنِية والوجود الَّذِي الْآنِية عبارَة عَنهُ عَارض للماهية وكل عَارض مَعْلُول لِأَنَّهُ لَو كَانَ مَوْجُودا بِذَاتِهِ مَا كَانَ عارضا لغيره إِذْ مَا كَانَ عارضا لغيره فَلهُ تعلق بِغَيْرِهِ وعلته إِن كَانَ غير الْمَاهِيّة فَلَا يكون وَاجِب الْوُجُود الَّذِي يتَعَلَّق بِهِ كل الموجودات وَإِن كَانَ علته الْمَاهِيّة فالماهية قبل الْوُجُود لَا تكون عِلّة لِأَن السَّبَب مَا لَهُ وجود تَامّ فَقبل الْوُجُود لَا يكون لَهُ وجود فَثَبت أَن وَاجِب الْوُجُود آنيته ماهيته وَإِن وجوب الْوُجُود لَهُ كالماهية لغيره وَمن هَذَا يظْهر أَن وَاجِب الْوُجُود لَا يشبه غَيره الْبَتَّةَ وَلَا يصل أحد إِلَى كنه مَعْرفَته
الْخَامِس أَنه لَا يتَعَلَّق بِغَيْرِهِ على وَجه يتَعَلَّق ذَلِك الْغَيْر بِهِ على معنى أَن يكون كل وَاحِد مِنْهُمَا عِلّة للْآخر فيتقابلان فَإِن هَذَا محَال
السَّادِس أَنه لَا يتَعَلَّق بِغَيْرِهِ على وَجه يتَعَلَّق ذَلِك الْغَيْر بِهِ على سَبِيل التضايف لِأَنَّهُ يكون مُمكن الْوُجُود
السَّابِع أَنه لَا يجوز أَن يكون شَيْئَانِ كل وَاحِد مِنْهُمَا وَاجِب الْوُجُود كَمَا لَا يكون للبدن الْوَاحِد إِلَّا نفس وَاحِدَة فَلَا يكون للْعَالم إِلَّا رب وَاحِد هُوَ مبدع الْكل وَيتَعَلَّق بِهِ الْكل تعلق الْوُجُود والبقاء وَأَيْضًا فَلَو كَانَ وَاجِب الْوُجُود اثْنَيْنِ فَبِمَ يتَمَيَّز أَحدهمَا عَن الآخر فَإِن كَانَ بِعَارِض فَيكون كل مِنْهُمَا معلولا وَإِن كَانَ بذاتي فَيكون مركبا وَلَا يكون وَاجِب الْوُجُود
الثَّامِن إِن كل مَا سوى وَاجِب الْوُجُود يَنْبَغِي أَن يكون صادرا من وَاجِب الْوُجُود كَمَا أَن النَّفس كَمَال جسم طبيعي آلي فَكَذَلِك الرب موجد الْكل وَبِه كَمَال الْكل وَبَقَاء الْكل وجمال الْكل وَقد ذكرنَا أَن وَاجِب الْوُجُود لَا يكون