الِاخْتِلَاف رَاجع الى اسْتِعْمَال ذَلِك الْأَمر المستعد فِي نوع من الْعلم دون نوع فَيخرج إِلَى الْفِعْل فَيظْهر الِاخْتِلَاف
وَقَالَت جمَاعَة إِنَّهَا مُخْتَلفَة الاستعداد على حسب اخْتِلَاف الأمزجة وَمَا يخرج مِنْهَا إِلَى الْفِعْل فانما يخرج ذَلِك على حسب ذَلِك الاستعداد وَلَيْسَ حكمهَا حكم الهيولى فِي أَنَّهَا قَابِلَة لكل صُورَة فَإِن الهيولى الأولى قَابِلَة للصورة الأولى وَهِي الجسمية وَهِي متشابهة فِي جَمِيع الْأَجْسَام ثمَّ تقبل بواسطتها صُورَة صُورَة على حسب تركبها من الصُّورَة الثَّانِيَة والهيولى الثَّانِيَة وَلِهَذَا لم يكن للهيولى الأولى وجود فِي ذَاتهَا دون الصُّورَة الأولى وَلَا للجسم الْمُطلق وجود دون أَن يكون إِمَّا نَارا أَو هَوَاء أَو غير ذَلِك وَالْأَمر هَهُنَا بِخِلَاف ذَلِك فان النَّفس لَهَا وجود مُحَقّق واستعداد لذَلِك الْوُجُود فَيجب أَن يكون مُخْتَلفا بِحَسب اخْتِلَاف الْمَوْضُوع
وَإِن قيل إِن النَّفس الانسانية متشابهة فِي النَّوْع وَسلم ذَلِك فَلَا شكّ أَنَّهَا مُخْتَلفَة فِي الشَّخْص وَالْعين بِحَسب اخْتِلَاف الْعَوَارِض المشخصة فيختلف الاستعداد فِي الْعقل الهيولاني على حسب ذَلِك فان النَّفس انما تفيض من المباديء على قدر الاستعداد فَكلما كَانَ المزاج أعدل كَانَت النَّفس أشرف وينضاف اليه طوالع الْكَوَاكِب واجرام السَّمَاوَات فاذا كَمَا أَن النَّفس وان كَانَت متحدة فِي النَّوْع فبينها تفاضل وترتب فَكَذَلِك الاستعداد مترتب على شرف النَّفس فَرب نفس نَبِي يَسْتَغْنِي عَن الفكرة يكَاد زيتها يضيء وَلَو لم تمسسه نَار وَرب نفس غبي لَا يعود عَلَيْهِ الْفِكر برادة وَهَذَا الرَّأْي أقوى وَأقرب إِلَى مناهج الشَّرْع