الْقُرْآن نَحْو قَوْله تَعَالَى {صم بكم عمي فهم لَا يعْقلُونَ} وَلكَون الْعقل شرعا من دَاخل قَالَ تَعَالَى فِي صفة الْعقل {فطْرَة الله الَّتِي فطر النَّاس عَلَيْهَا لَا تَبْدِيل لخلق الله ذَلِك الدّين الْقيم} فَسمى الْعقل دينا ولكونهما متحدين قَالَ {نور على نور} أَي نور الْعقل وَنور الشَّرْع
ثمَّ قَالَ {يهدي الله لنوره من يَشَاء} فَجَعلهَا نورا وَاحِدًا فالشرع إِذا فقد الْعقل لم يظْهر بِهِ شَيْء وَصَارَ ضائعا ضيَاع الشعاع عِنْد فقد نور الْبَصَر وَالْعقل إِذا فقد الشَّرْع عجز عَن أَكثر الْأُمُور عجز الْعين عِنْد فقد النُّور
وَاعْلَم أَن الْعقل بِنَفسِهِ قَلِيل الْغناء لَا يكَاد يتَوَصَّل إِلَى معرفَة كليات الشَّيْء دون جزئياته نَحْو أَن يعلم جملَة حسن اعْتِقَاد الْحق وَقَول الصدْق وتعاطي الْجَمِيل وَحسن اسْتِعْمَال المعدلة وملازمة الْعِفَّة وَنَحْو ذَلِك من غير أَن يعرف ذَلِك فِي شَيْء وَالشَّرْع يعرف كليات الشَّيْء وجزئياته وَيبين مَا الَّذِي يجب أَن يعْتَقد فِي شَيْء شَيْء