والنفوس والحركات السماوية يُعْطي كل مَادَّة استعدادها لصورة خَاصَّة والنفوس لَا تحدث بالاستعداد الْخَاص بل عِنْد الاستعداد الْخَاص وَفرق بَين ان تحصل عِنْده أَو بِهِ
ثمَّ الْهَيْئَة النزاعية فِي النَّفس انما تكون بعد الِاتِّصَال بهَا فاذا حُدُوث النَّفس لَهُ صفة فِي الْفَاعِل وَصفَة فِي الْقَابِل أما صفة الْفَاعِل فالجود الإلهي الَّذِي هُوَ ينبوع الْوُجُود وَهُوَ فياض بِذَاتِهِ على كل مَاله قبُول الْوُجُود حَقِيقَة وجوده ويعبر عَن تِلْكَ الصّفة بِالْقُدْرَةِ وان أضفت هَذَا الْفَيْض إِلَى الوسائط فواهب الصُّور
ومثاله فيضان نور الشَّمْس على كل قَابل للاستنارة عِنْد ارْتِفَاع الْحجاب بَينهمَا والقابل للاستنارة هِيَ المتلونات دون الْهَوَاء الَّذِي لَا لون لَهُ
وَأما صفة الْقَابِل فالاستواء والاعتدال الْحَاصِل بالتسوية كَمَا قَالَ سويته وَمِثَال صفة الْقَابِل صقالة الْحَدِيد فان الْمرْآة الَّتِي ستر الصدأ وَجههَا لَا تقبل الصُّورَة وان كَانَت محاذية للصورة وَإِذا اشْتغل المصقل بتصقيلها فَكلما حصلت الصقالة حدثت فِيهَا الصُّورَة من ذِي الصُّورَة المحاذية لَهَا فَكَذَلِك إِذا حصل الاسْتوَاء والاستعداد فِي النُّطْفَة حدثت فِيهَا النَّفس من واهبها وخالقها من غير تغير فِي الْوَاهِب بل إِنَّمَا حدث الرّوح الْآن لَا قبله لتغير الْمحل بِحُصُول الإستواء الْآن لَا قبله كَمَا أَن الصُّورَة فاضت من ذِي الصُّورَة على الْمرْآة فِي حكم الْوَهم من غير تغير فِي الصُّورَة وَلَكِن كَانَ لَا تَحْصِيل من قبل لِأَن الصُّورَة لَيست مهيئة لِأَن تنطبع فِي الْمرْآة لَكِن لِأَن الْمرْآة لم تكن صقيلة
فان قيل فاذا كَانَت الْأَرْوَاح حَادِثَة مَعَ الأجساد فَمَا معنى قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خلق الله الْأَرْوَاح قبل الاجساد بألفي عَام وَقَوله عَلَيْهِ السَّلَام أَنا أول الْأَنْبِيَاء خلقا وَآخرهمْ بعثا وَقَوله عَلَيْهِ السَّلَام كنت نَبيا وآدَم لَمُنْجَدِل بَين المَاء والطين