للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَا خلق الله جَوْهَر مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَغير ذَلِك فكشف الغطاء عَن هَذَا من وُجُوه تَحت كل وَجه فَوَائِد لَطِيفَة ولطائف من الْحِكْمَة قَلما تسطر فِي الْكتب

الْوَجْه الأول انا شاهدنا الموجودات كلهَا بِشَهَادَة الْحس وَالْعقل على ترَتّب وتفاضل فِي النَّوْع والشخص

أما فِي المركبات الَّتِي هِيَ أقرب إِلَى حواسنا فالمعادن والنباتات وَالْحَيَوَان وَالْإِنْسَان على تفاضل وانْتهى ذَلِك بالانسان وانْتهى الانسان بالشخص الْوَاحِد الْأَفْضَل من الْكل كالنبي فِي زَمَانه وَالْوَلِيّ فِي كل زمَان

وَأما فِي البسائط الجسمانية أَعنِي المتشابهة الاجزاء فَهِيَ أَيْضا على تفاضل فِي الْجَوْهَر والحيز والعظم وَالْحَرَكَة وَالْأَفْضَل من الْكل الجرم الْأَقْصَى وَهُوَ الَّذِي عبر عَنهُ التَّنْزِيل بالعرش والكرسي الَّذِي وسع السَّمَاوَات وَالْأَرْض

وَأما فِي البسائط الروحانية أَعنِي الْمُجَرَّدَة عَن الْموَاد المنزهة عَن الْمَكَان وَالزَّمَان فَفِيهَا ترَتّب وتفاضل فَمَا كَانَ أَشد قُوَّة وأوسع علما وإحاطة وأبلغ فِي الْوحدَة وأشبه بِكَمَال الربوبية كَانَ فِي الْمقَام الْأَعْلَى والمرتبة الْأَقْصَى وَلَا بُد أَن يَنْتَهِي بِوَاحِد فان المترتبات المتفاضلات إِن لم تَنْتَهِ بِوَاحِد أوجب ذَلِك الحكم بالتسلسل وَذَلِكَ محَال فالمترتبات فِي كل قسم انْتَهَت بِوَاحِد هُوَ مبدؤها

وَرُبمَا يعبر لِسَان النُّبُوَّة عَن ذَلِك الْوَاحِد بانه أول مَا خلق الله تَعَالَى فالروحانيات انْتَهَت بِروح الْقُدس أَو الْعقل الفعال أَو شَدِيد القوى ذُو مرّة فَاسْتَوَى وَهُوَ أول المبدعات ثمَّ ينزل بالترتب والتفاضل كَمَا قيل أول مَا خلق الله عزو جلّ الْعقل ثمَّ النَّفس ثمَّ الهيولي أَو مَا رُوِيَ فِي الْخَبَر ان أول مَا خلق الله عز وَجل الْقَلَم ثمَّ اللَّوْح ثمَّ الظلمَة الْخَارِجَة

وَأما الجسمانيات فقد انْتَهَت بالجرم الْأَقْصَى وَهُوَ مَا رُوِيَ أَن أول مَا

<<  <   >  >>