للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شروط الحج:

أولاً - شروط وجوب الحج:

وهي الشروط التي إن توفرت في شخص وجب عليه الحج مطلقاً، بنفسه، أو بالإحجاج عنه، أو يوصي بالحج إن مات ولم يحج. أي يترتب عليه ثبوت الحج دَيْناً في ذمته.

وهذه الشروط هي:

-١ - الإسلام، لأن الكافر غير مخاطب بالتكاليف.

-٢ - العقل والبلوغ: فلا يجب الحج على المجنون ولا على الصغير، ولو حجا ونوى عنهما وليهما صح الحج تطوعاً ولا تسقط فريضة حجة الفريضة، فلو بلغ الصبي أو أفاق المجنون وجبت عليهما الفريضة، لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما - ورفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم - قال: (أيُّما صبي حج، ثم بلغ الحنث، فعليه أن يحج حَجُّة أخرى) (١) . وإذا بلغ قبل الخروج إلى عرفات، فله أن يجدد النية من أقرب ميقات، وتجزئه عن حجة الإسلام. أما المعتوه فهو مكلف بالعبادات احتياطاً.

-٣ - الحرية: فلا يجب الحج على العبد ولو مُدَبَّراً (٢) أو مكاتباً أو أم ولد، لأن فرض الحج لا يتأتى إلا بالمال ولا ملك لهؤلاء، وحتى لا يفوت حق السيد مدة الحج. ولو حج العبد انعقد حجه تطوعاً، لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما - رفعه - قال: (وأيما عبد حج ثم عتق فعليه حجة أخرى) (٣) .

-٤ - العلم بفرضية الحج، إن كان في غير دار الإسلام، بإخبار عدل، أو مستورين، أو رجل وامرأتين. أما إن كان في دار الإسلام فيجب عليه الحج ولو لم يعلم بفرضيته سواء أنشأ مسلماً أو لا.

-٥ - الاستطاعة: لقوله تعالى: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً} (٤) وتتحقق الاستطاعة بالأمور التالية:

-١ - صحة البدن بالسلامة من الأمراض والعمى والعاهات المانعة من القيام بما لا بد منه في السفر. فإذا ملك المريض زاداً وراحلة وجب عليه أن يستنيب عند الصاحبين، وعند الإمام: لا يجب الحج على المرضى وأصحاب العاهات، لأنه يعتبر الصحة الجسدية من شروط الوجوب (وثمرة الاختلاف في الإيصاء والاستنابة) . ولو حج سقط عنه الفرض اتفاقاً. وإذا ملك من يحمله ويضعه وجب عليه الحج، أو الاستنابة وتجزئه ما دام عاجزاً، فإذا زال عجزه أعاد الحج.

-٢ - مُلك الزاد والراحلة والنفقة ذهاباً وإياباً، وذلك لما روي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قيل يا رسول الله ما السبيل إلى الحج؟ قال: (الزاد والراحلة) (٥) .

ويشترط أن يكون الزاد والراحلة زائدين عن حوائجه الأصلية التي هي: وفاء الدَّين، والمسكن، والملبس، والمواشي، والكتب لمن هو من أهلها، وآلات الحِرْفة، والسلاح، ونفقة الزواج حتى قيل بوجوبه عند التّوقان.

كما يشترط أن يكونا زائدين عن مؤونة بيته، ونفقة عياله، ومن تجب عليه نفقتهم مدة غيابه إلى أن يعود وقيل حتى بعد عودته بشهر، لحديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كفى بالمرء إثماً أن يضيّع من يقوت) (٦) . والنفقة تشمل الطعام والكسوة والسكنى.

-٣ - أمن الطريق وقت الخروج إلى الحج، فغلبة السلامة ولو بالرشوة شرط لوجوب الحج (إذ يجب أن يدفع هو لاضطراره لأداء الفريضة والإثم على الآخذ) إذا لم يتحقق الأمن إلا بالدفع، فإن قتل بعض الحجاج فلا سلامة. ولو تمكن من الأمن بدفع ضريبة وجب عليه الحج والدفع.

-٤ - عدم الحَبْس.

-٥ - توفر المَحْرَم للمرأة زوجاً كان أو غيره غير مجوسي (لأنه قد يستبيح زواجها ولو كان أباها) ولا فاسق. وإن كانت شابة فلا تسافر مع صهرها ولا أخيها من الرضاع. وأن يكون المحرم عاقلاً بالغاً، والمراهق كالبالغ، لما روي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تسافر المرأة ثلاثاً إلا مع ذي محرم) (٧) .

وتجب عليها نفقة المحرم إن أمكنها ولم يتيسر لها محرم بدون إنفاق. وليس للزوج منعها من حَجَّة الفرض إذا وجدت محرماً، ولا يجب عليها التزوج من أجل الحج. ولا يجوز لها الخروج مع جماعة النساء ولو كن ثقات. وإذا حجت المرأة بدون محرم صح حجها وسقطت الفريضة لكن مع الكراهة التحريمية، أي لا يكون حجها مبروراً.

-٦ - أن لا تكون المرأة معتدَّة من طلاق أو وفاة وقت خروج الناس للحج، أما لو أدركتها العِدَّة أثناء الطريق، فإن كان طلاقاً رجعياً لا يفارقها زوجها وتتم حجها، أما إن كان بائناً أو عِدَّة وفاة فيُفرَّق:

أ - إن كانت تبعد عن بلدها أقل من مسافة سفر القصر، رجعت وأمضت عدّتها في بيتها.

ب - إن كانت تبعد عن بلدها أكثر من مسافة سفر القصر، وهي آمنة في مكانها، تبقى حيث هي فتقضي عدتها ولا تتابع حجها ويكون حكمها حكم المُحْصَر.

جـ - إن كان بينها وبين بلد المَقْصَد أقل من مسيرة ثلاثة أيام وجب إتمام الحج.

-٧ - توفر الاستطاعة وقت الحج؛ فلو توفرت بعد وقت الحج لم تجب عليه في تلك السنة.


(١) البيهقي: ج ٥ / ص ١٧٩.
(٢) العبد المُدَبّر: هو المُعَلّق عِتقه بموت سيده.
(٣) البيهقي: ج ٥ / ص ١٧٩.
(٤) آل عمران: ٩٧.
(٥) البيهقي: ج ٤ / ص ٣٢٧.
(٦) أبو داود: ج ٢ / كتاب الزكاة باب ٤٥/١٦٩٢.
(٧) مسلم: ج ٢ / كتاب الحج باب ٧٤/٤١٧.

<<  <   >  >>