للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

من أهل الْجنَّة فَامْتنعَ أَن يَفْعَلُوا مَا يُوجب النَّار لَا محَالة

وَإِذا لم يمت أحدهم على مُوجب النَّار لم يقْدَح ذَلِك فِي إستحقاقهم للجنة

وَنحن قد علمنَا أَنهم من اهل الْجنَّة وَلَو لم يعلم أَن أُولَئِكَ المعينين فِي الْجنَّة لم يجز لنا أَن نقدح فِي إستحقاقهم للجنة بِأُمُور لَا نعلم أَنَّهَا توجب النَّار فَإِن هَذَا لَا يجوز فِي آحَاد الْمُؤمنِينَ الَّذين لم يعلم أَنهم يدْخلُونَ الْجنَّة وَلَيْسَ لنا أَن نشْهد لأحد مِنْهُم بالنَّار لأمور مُحْتَملَة لَا تدل على ذَلِك فَكيف يجوز ذَلِك فِي خِيَار الْمُؤمنِينَ وَالْعلم بتفاصيل أَحْوَال كل وَاحِد مِنْهُم بَاطِنا وظاهرا وحسناته وسيئاته وإجتهاداته أَمر يتَعَذَّر علينا مَعْرفَته فَكَانَ كلامنا فِي ذَلِك كلَاما فِيمَا لَا نعلمهُ وَالْكَلَام بِلَا علم حرَام فَلهَذَا كَانَ الْإِمْسَاك عَمَّا شجر بَين الصَّحَابَة خيرا من الْخَوْض فِي ذَلِك بِغَيْر علم بِحَقِيقَة الْأَحْوَال إِذْ كَانَ كثير من الْخَوْض فِي ذَلِك أَو أَكْثَره كلَاما بِلَا علم وَهَذَا حرَام لَو لم يكن فِيهِ هوى ومعارضة الْحق الْمَعْلُوم فَكيف إِذا كَانَ كلَاما لهوى يطْلب فِيهِ دفع الْحق الْمَعْلُوم وَقد قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْقُضَاة ثَلَاثَة قاضيان فِي النَّار وقاض فِي الْجنَّة

رجل علم الْحق وَقضى بِهِ فَهُوَ فِي الْجنَّة وَرجل علم الْحق وَقضى بِخِلَافِهِ فَهُوَ فِي النَّار وَرجل قضى للنَّاس على جهل فَهُوَ فِي النَّار فَإِذا كَانَ هَذَا فِي قَضَاء بَين إثنين فِي قَلِيل المَال أَو كَثِيره فَكيف الْقَضَاء بَين الصَّحَابَة فِي أُمُور كَثِيرَة فَمن تكلم فِي هَذَا الْبَاب بِجَهْل أَو بِخِلَاف مَا يعلم كَانَ مستوجبا للوعيد وَلَو تكلم بِحَق بِقصد الْهوى لَا لوجه الله تَعَالَى أَو يُعَارض بِهِ حَقًا آخر لَكَانَ أَيْضا مستوجبا للذم وَالْعِقَاب

وَمن علم مَا دلّ عَلَيْهِ الْقُرْآن وَالسّنة من الثَّنَاء على الْقَوْم ورضا الله عَنْهُم وإستحقاقهم الْجنَّة وَأَنَّهُمْ خير هَذِه الْأمة الَّتِي هِيَ خير أمة أخرجت للنَّاس لم يُعَارض هَذَا الْمُتَيَقن الْمَعْلُوم بِأُمُور مشتبهة مِنْهَا مَا لَا يعلم صِحَّته وَمِنْهَا مَا يتَبَيَّن كذبه وَمِنْهَا مَا لَا يعلم كَيفَ وَقع وَمِنْهَا مَا يعلم عذر الْقَوْم فِيهِ

وَمِنْهَا مَا يعلم تَوْبَتهمْ مِنْهُ وَمِنْهَا مَا يعلم أَن لَهُم من الْحَسَنَات مَا يغمره

فَمن سلك سَبِيل أهل السّنة إستقام قَوْله وَكَانَ من أهل الْحق والإستقامة والإعتدال وَإِلَّا حصل فِي جهل وَنقص وتناقض كَحال هَؤُلَاءِ الضلال

<<  <   >  >>