للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وَأما قَوْله وأذاعت سر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَا ريب أَن الله تَعَالَى يَقُول (وَإِذا أسر النَّبِي إِلَى بعض أَزوَاجه حَدِيثا فَلَمَّا نبأت بِهِ وأظهره الله عَلَيْهِ عرف بعضه وَأعْرض عَن بعض فَلَمَّا نبأها بِهِ قَالَت من أَنْبَأَك هَذَا قَالَ نَبَّأَنِي الْعَلِيم الْخَبِير) وَقد ثَبت فِي الصَّحِيح عَن عمر أَنَّهَا عَائِشَة وَحَفْصَة

فَيُقَال أَولا هَؤُلَاءِ عَمدُوا إِلَى نُصُوص الْقُرْآن الَّتِي فِيهَا ذكر ذنُوب يتأولون النُّصُوص بأنواع التأويلات

وَأهل السّنة يَقُولُونَ بل أَصْحَاب الذُّنُوب تَابُوا مِنْهَا وَرفع الله درجاتهم بِالتَّوْبَةِ

وَهَذِه الْآيَة لَيست بِأولى فِي دلالتها على الذَّنب من تِلْكَ الْآيَات فَإِن كَانَ تَأْوِيل ذَلِك سائغا كَانَ تَأْوِيل هَذِه كَذَلِك وَإِن كَانَ تاويل هَذِه بَاطِلا فَتَأْوِيل تِلْكَ أبطل

وَيُقَال ثَانِيًا بِتَقْدِير أَن يكون هُنَاكَ ذَنْب لعَائِشَة وَحَفْصَة فتكونان قد تابتا مِنْهُ وَهَذَا ظَاهر لقَوْله تَعَالَى (أَن تَتُوبَا إِلَى الله فقد صغت قُلُوبكُمَا) فدعاهما الله تَعَالَى إِلَى التَّوْبَة فَلَا يظنّ بهما أَنَّهُمَا لم تَتُوبَا مَعَ مَا ثَبت من علو درجتها وأنهما زوجتا نَبينَا فِي الْجنَّة وَأَن الله خيرهن بَين الْحَيَاة الدُّنْيَا وَزينتهَا وَبَين الله وَرَسُوله وَالدَّار الْآخِرَة فاختزن الله وَرَسُوله وَالدَّار الْآخِرَة وَلذَلِك حرم عَلَيْهِ أَن يسْتَبْدل بِهن غَيْرهنَّ وَحرم عَلَيْهِ أَن يتَزَوَّج عَلَيْهِنَّ وَاخْتلف فِي إِبَاحَة ذَلِك لَهُ بعد ذَلِك وَمَات عَنْهُن وَهن أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ بِنَصّ الْقُرْآن

ثمَّ قد تقدم أَن الذَّنب يَزُول عِقَابه بِالتَّوْبَةِ والحسنات الماحية والمصائب المكفرة

وَيُقَال ثَالِثا الْمَذْكُور عَن أَزوَاجه كالمذكور عَمَّن شهد لَهُ بِالْجنَّةِ من أهل بَيته وَغَيرهم من أَصْحَابه

فَإِن عليا لما خطب إبنة أبي جهل على فَاطِمَة وَقَامَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَطِيبًا فَقَالَ إِن بني هِشَام بن الْمُغيرَة استأذنوني أَن ينكحوا عليا إبنتهم وَإِنِّي لَا آذن ثمَّ لَا آذن ثمَّ لَا آذن إِلَّا أَن يُرِيد ابْن أبي طَالب أَن يُطلق إبنتي ويتزوج إبنتهم

فَإِن فَاطِمَة بضعَة مني يريبني مَا رابها وَيُؤْذِينِي مَا آذاها فَلَا يظنّ بعلى أَنه ترك الْخطْبَة فِي الظَّاهِر فَقَط بل تَركهَا بِقَلْبِه وَتَابَ

<<  <   >  >>