للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وَأما قَوْله وخالفت أَمر الله فِي قَوْله تَعَالَى (وَقرن فِي بيوتكن وَلَا تبرجن تبرج الْجَاهِلِيَّة الأولى) فَهِيَ رَضِي الله عَنْهَا لم تتبرج تبرج الْجَاهِلِيَّة الأولى وَالْأَمر بالإستقرار فِي الْبيُوت لَا يُنَافِي الْخُرُوج لمصْلحَة مَأْمُور بهَا كَمَا لَو خرجت لِلْحَجِّ وَالْعمْرَة اَوْ خرجت مَعَ زَوجهَا فِي سفر فَإِن هَذِه الْآيَة نزلت فِي حَيَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد سَافر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِهن بعد ذَلِك فِي حجَّة الْوَدَاع سَافر بعائشة رَضِي الله عَنْهَا وَغَيرهَا وأرسلها مَعَ عبد الرَّحْمَن أَخِيهَا فأردفها خَلفه وأعمرها من التَّنْعِيم

وَحجَّة الْوَدَاع كَانَت قبل وَفَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَقَلّ من ثَلَاثَة أشهر بعد نزُول هَذِه الْآيَة وَلِهَذَا كن أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يحججن كَمَا حججن فِي خلَافَة عمر رَضِي الله عَنهُ وَكَانَ عمر يُوكل بقطارهن عُثْمَان أَو عبد الرَّحْمَن بن عَوْف

وَإِذا كَانَ سفرهن لمصْلحَة جَائِزا فعائشة اعتقدت أَن ذَلِك السّفر مصلحَة للْمُسلمين فتأولت فِي هَذَا

وَهَذَا كَمَا أَن قَول الله تَعَالَى (يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُم بَيْنكُم بِالْبَاطِلِ) وَقَوله (وَلَا تقتلُوا أَنفسكُم) يتَضَمَّن قتل الْمُؤمنِينَ بَعضهم بَعْضًا كَمَا فِي قَوْله (وَلَا تلمزوا أَنفسكُم) وَقَوله (لَوْلَا إِذْ سمعتموه ظن الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَات بِأَنْفسِهِم خيرا) وَكَذَلِكَ قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن دماءكم وَأَمْوَالكُمْ وَأَعْرَاضكُمْ عَلَيْكُم حرَام كَحُرْمَةِ يومكم هَذَا فِي شهركم هَذَا فِي بلدكم هَذَا وَقَوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول فِي النَّار قيل يَا رَسُول الله هَذَا الْقَاتِل فَمَا بَال الْمَقْتُول قَالَ كَانَ حريضا عَليّ قتل صَاحبه

فَلَو قَالَ قَائِل إِن عليا وَمن قَاتله قد التقيا بسيفيهما وَقد إستحلوا دِمَاء الْمُسلمين فَيجب أَن يلحقهم الْوَعيد

<<  <   >  >>