فَجَوَابه أَن الْوَعيد لَا يتَنَاوَل الْمُجْتَهد المتأول وَإِن كَانَ مخطئا فَإِن الله تَعَالَى يَقُول فِي دُعَاء الْمُؤمنِينَ (رَبنَا لَا تُؤَاخِذنَا إِن نَسِينَا أَو أَخْطَأنَا) قد فعلت
وَقد عَفا للْمُؤْمِنين عَن النسْيَان وَالْخَطَأ والمجتهد المخطيء مغْفُور لَهُ خطأه وَإِذا غفر خطأ هَؤُلَاءِ فِي قتال الْمُؤمنِينَ فالمغفرة لعَائِشَة لكَونهَا لم تقر فِي بَيتهَا إِذْ كَانَت مجتهدة أولى
وَأَيْضًا لَو قَالَ قَائِل إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الْمَدِينَة تَنْفِي خبثها وتنصع طيبها وَقَالَ لَا يخرج أحد من الْمَدِينَة رَغْبَة عَنْهَا إِلَّا أبدلها الله خيرا مِنْهُ أخرجه فِي الْمُوَطَّأ وَقَالَ إِن عليا خرج مِنْهَا وَلم يقم بهَا كَمَا أَقَامَ الْخُلَفَاء قبله وَلِهَذَا لم تَجْتَمِع عَلَيْهِ الْكَلِمَة لَكَانَ الْجَواب إِن الْمُجْتَهد إِذا كَانَ دون عَليّ لم يتَنَاوَلهُ الْوَعيد فعلي أولى أَن لَا يتَنَاوَلهُ الْوَعيد لإجتهاده
وَبِهَذَا يُجَاب عَن خُرُوج عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا وَإِذا كَانَ الْمُجْتَهد مخطئا فالخطأ مغْفُور بِالْكتاب وَالسّنة
وَأما قَوْله خرجت تقَاتل عليا على غير ذَنْب فَهَذَا إفتراء عَلَيْهَا وَلَو قدر أَن الطَّائِفَتَيْنِ قصدتا الْقِتَال لَكَانَ هُوَ الْقِتَال الْمَذْكُور فِي قَوْله تَعَالَى (وَإِن طَائِفَتَانِ من الْمُؤمنِينَ اقْتَتَلُوا فأصلحوا بَينهمَا فَإِن بَغت إِحْدَاهمَا على الْأُخْرَى فَقَاتلُوا الَّتِي تبغي حَتَّى تفيء إِلَى أَمر الله فَإِن فاءت فأصلحوا بَينهَا بِالْعَدْلِ وأقسطوا إِن الله يحب المقسطين
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إخْوَة فأصلحوا بَين أخويكم) فجعلهم مُؤمنين إخْوَة مَعَ الإقتتال
وَأما قَوْله أَجمعُوا على قتل عُثْمَان فَهَذَا كذب سمج فَإِن الْجُمْهُور لم يأمروا بقتْله وَلَا رضوه وَلم يكن أَكثر الْمُسلمين بِالْمَدِينَةِ بل كَانُوا بالأمصار من بلد الْمغرب إِلَى خُرَاسَان وَلم يدْخل خِيَار الْمُسلمين فِي ذَلِك وَإِنَّمَا قَتله طَائِفَة من المفسدين فِي الأَرْض من أوباش الْقَبَائِل ورءوس الشَّرّ
وَعَن عَليّ قَالَ اللَّهُمَّ الْعَن قَتله عُثْمَان فِي الْبر وَالْبَحْر والسهل والجبل
غَايَة مَا يُقَال إِنَّهُم لم ينصروه وفتروا عَن إعانته بِمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute