وَأما عمر فَاشْتَبَهَ عَلَيْهِ هَل كَانَ قَول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من شدَّة الْمَرَض أَو كَانَ من أَقْوَاله الْمَعْرُوفَة وَالْمَرَض جَائِز على الْأَنْبِيَاء
وَلِهَذَا قَالَ مَا لَهُ أَهجر فَشك فِي ذَلِك وَمَا جزم وَالشَّكّ يجوز على عمر إِذْ لَا مَعْصُوم بعد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فجوز أَن يكون كَلَامه من وجع الْحمى وَلذَلِك ظن أَنه لم يمت حَتَّى تبين أَنه قد مَاتَ
وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ قد عزم على أَن يكْتب الْكتاب الَّذِي ذكره لعَائِشَة فَلَمَّا رأى أَن الشَّك قد وَقع علم أَن الْكتاب لَا يرفع الشَّك فَلم يبْق فِيهِ فَائِدَة وَعلم أَن الله يجمعهُمْ على مَا أَرَادَ كَمَا قَالَ ويأبى الله والمؤمنون إِلَّا أَبَا بكر
وَقَول ابْن عَبَّاس إِن الرزية كل الرزية مَا حَال بَين رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبَين أَن يكْتب الْكتاب يَقْتَضِي أَن الْحَائِل كَانَ رزية وَهِي فِي حق من شكّ فِي خلَافَة أبي بكر أَو اشْتبهَ عَلَيْهِ الْأَمر فَإِنَّهُ لَو كتب كتابا لزال الشَّك
فَأَما من علم أَن خِلَافَته حق فَلَا رزية فِي حَقه وَللَّه الْحَمد وَمن توهم أَن هَذَا الْكتاب كَانَ بخلافة عَليّ فَهُوَ ضال بإتفاق عَامَّة النَّاس من عُلَمَاء السّنة والشيعة أما أهل السّنة فمتفقون على تَفْضِيل أبي بكر وتقديمه
وَأما الشِّيعَة الْقَائِلُونَ بِأَن عليا كَانَ هُوَ الْمُسْتَحق للْإِمَامَة فَيَقُولُونَ إِنَّه قد نَص على إِمَامَته قبل ذَلِك نصا جليا ظَاهرا مَعْرُوفا وَحِينَئِذٍ فَلم يكن يحْتَاج إِلَى كتاب
وَإِن قيل إِن الْأمة جحدت النَّص الْمَعْلُوم الْمَشْهُور فَلِأَن تكْتم كتابا حَضَره طَائِفَة قَليلَة أولى وَأَحْرَى
وَأَيْضًا فَلم يكن يجوز عِنْدهم تَأْخِير الْبَيَان إِلَى مرض مَوته وَلَا يجوز لَهُ ترك الْكتاب لشك من شكّ فَلَو كَانَ مَا يَكْتُبهُ فِي الْكتاب مِمَّا يجب بَيَانه وكتابته لَكَانَ