للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

إمتنع مِنْهَا خلق من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ مِمَّن لَا يحصيهم إِلَّا الله تَعَالَى أفذلك قَادِح فِي إِمَامَته وَمذهب أهل السّنة أَن الْإِمَامَة تَنْعَقِد عِنْدهم بموافقة أهل الشَّوْكَة الَّذين يحصل بهم مَقْصُود الْإِمَامَة وَهُوَ الْقُدْرَة والتمكين

وَلِهَذَا يَقُولُونَ من صَار لَهُ قدرَة وسلطان يفعل بِهِ مَقْصُود الْولَايَة فَهُوَ من أولى الْأَمر الْمَأْمُور بطاعتهم مَا لم يأمروا بِمَعْصِيَة الله

فالإمامة ملك وسلطان برة كَانَت أَو فاجرة وَالْملك لَا يصير ملكا بموافقة ثَلَاثَة وَلَا أَرْبَعَة وَلِهَذَا لما بُويِعَ عَليّ وَصَارَ مَعَه شَوْكَة صَار إِمَامًا

قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل فِي رِسَالَة عَبدُوس الْعَطَّار وَمن ولي الْخلَافَة فأجمع عَلَيْهِ النَّاس وَرَضوا بِهِ وَمن غلبهم بِالسَّيْفِ حَتَّى صَار خَليفَة وَسمي أَمِير الْمُؤمنِينَ

فَدفع الصَّدقَات إِلَيْهِ جَائِز برا كَانَ أَو فَاجِرًا

وَقَالَ أَحْمد وَقد سُئِلَ عَن قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من مَاتَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ إِمَام مَاتَ ميتَة جَاهِلِيَّة تَدْرِي مَا الإِمَام هُوَ الَّذِي يجمع عَلَيْهِ الْمُسلمُونَ كلهم

فالصديق مُسْتَحقّ الْإِمَامَة لإجماعهم عَلَيْهِ وإمامته مِمَّا رَضِي الله بهَا وَرَسُوله ثمَّ أَنه صَار إِمَامًا بمبايعة أهل الْقُدْرَة

وَكَذَلِكَ عمر صَار إِمَامًا لما بَايعُوهُ وأطاعوه

وَلَو قدر أَنهم لم ينفذوا عهد أبي بكر فِي عمر لم يصر إِمَامًا سَوَاء كَانَ ذَلِك جَائِزا أَو غير جَائِز فالحل وَالْحُرْمَة مُتَعَلق بالأفعال وَأما نفس الْولَايَة والسلطنة فعبارة عَن الْقُدْرَة الْحَاصِلَة فقد تحصل على وَجه يُحِبهُ الله وَرَسُوله كسلطان الْخُلَفَاء الرَّاشِدين وَقد تحصل على غير ذَلِك كسلطان الظَّالِمين

وَلَو قدر أَن أَبَا بكر بَايعه عمر وَطَائِفَة وَامْتنع سَائِر الصَّحَابَة من بيعَته لم يصر إِمَامًا بذلك وَإِنَّمَا صَار إِمَامًا بمبايعة جُمْهُور النَّاس وَلِهَذَا لم يضر تخلف سعد لِأَنَّهُ لم يقْدَح فِي مَقْصُود الْولَايَة

وَأما كَون عمر بَادر إِلَى بيعَته فَلَا بُد فِي كل بيعَة من سَابق وَلَو قدر أَن آحَاد النَّاس كَانَ كَارِهًا لِلْبيعَةِ لم يقْدَح ذَلِك فِيهَا إِذْ الإستحقاق لَهَا ثَابت بالأدلة الشَّرْعِيَّة

وَأما عَهده إِلَى عمر فتم بمبايعة الْمُسلمين لَهُ بعد موت أبي بكر فَصَارَ إِمَامًا

وقولك ثمَّ عُثْمَان فاختاره بَعضهم

قُلْنَا بل إجتمعوا على بيعَته وَمَا تخلف عَنْهَا أحد

قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل فِي رِوَايَة حمدَان بن عَليّ مَا كَانَ فِي الْقَوْم أوكد بيعَة من عُثْمَان كَانَت بإجماعهم

وَصدق أَحْمد فَلَو قدر أَن عبد الرَّحْمَن بَايعه وَلم يبايعه عَليّ

<<  <   >  >>