من الَّذين تصدق عَلَيْهِم أَمِير الْمُؤمنِينَ وَالْمَال الَّذين يدعونَ إِنْفَاقه أَكثر فَحَيْثُ لم ينزل فِيهِ قُرْآن دلّ على كذب النَّقْل
وَأما تَقْدِيمه فِي الصَّلَاة فخطأ لِأَن بِلَالًا لما أذن أَمرته عَائِشَة أَن يقدم أَبَاهَا فَلَمَّا أَفَاق نَبِي الله سمع التَّكْبِير فَقَالَ أَخْرجُونِي فَخرج بَين عَليّ وَالْعَبَّاس فنحاه عَن الْقبْلَة وعزله عَن الصَّلَاة وَتَوَلَّى هُوَ الصَّلَاة
فَهَذِهِ حَال أَدِلَّة الْجُمْهُور
فَلْينْظر الْعَاقِل بِعَين الْإِنْصَاف وَيَقُول طلب الْحق دون إتباع الْهوى وَيتْرك تَقْلِيد الْآبَاء والأجداد
وَالْجَوَاب أَن فِي هَذَا الْكَلَام من الْبُهْتَان والقحة مَا لَا يعرف لطائفة فَلَا ريب أَن الرافضة فيهم شبه من الْيَهُود فَإِنَّهُم قوم بهت يُرِيدُونَ أَن يطفئوا نور الله بأفواههم ويريدون قلب الْحَقَائِق فهم أعظم المبتدعة ردا للحق وَتَصْدِيقًا للكذب
فَأَما الْغَار ففضيلة ظَاهِرَة باهرة لقَوْله (إِذْ يَقُول لصَاحبه لَا تحزن إِن الله مَعنا) وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَن أَبَا بكر قَالَ نظرت إِلَى أَقْدَام الْمُشْركين على رءوسنا وَنحن فِي الْغَار فَقلت لَو أَن أحدهم نظر إِلَى قَدَمَيْهِ أبصرنا فَقَالَ يَا أَبَا بكر مَا ظَنك بإثنين الله ثالثهما
والمعية هُنَا خَاصَّة كَقَوْلِه تَعَالَى (إِنَّنِي مَعَكُمَا أسمع وَأرى) والمعية الْعَامَّة بِالْعلمِ كَقَوْلِه تَعَالَى (وَهُوَ مَعكُمْ أَيْنَمَا كُنْتُم) قَالَ ابْن عُيَيْنَة عَاتب الله الْخلق كلهم فِي نبيه إِلَّا أَبَا بكر فَقَالَ (إِلَّا تنصروه فقد نَصره الله إِذْ أخرجه الَّذين كفرُوا ثَانِي إثنين) الْآيَة
قَالَ أَبُو الْقَاسِم السُّهيْلي وَغَيره هَذِه الْمَعِيَّة الْخَاصَّة لم تثبت لغير أبي بكر
وَفِي قَوْله (إِذْ يَقُول لصَاحبه) دَلِيل على أَن الصّديق فِي ذرْوَة سَنَام الصُّحْبَة فَإِنَّهُ صَحبه من أول مَا بعث إِلَى أَن مَاتَ كَمَا يُقَال مَا فَارقه لَا فِي الْحَيَاة وَلَا فِي الْمَمَات
وَفِي الصَّحِيح أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ هَل أَنْتُم تاركوا لي صَاحِبي
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن عَائِشَة قَالَت لم أَعقل أَبَوي إِلَّا وهما يدينان الدّين وَلم يمض علينا يَوْم إِلَّا وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يأتينا فِيهِ طرفِي النَّهَار
وَفِي حَدِيث صلح الْحُدَيْبِيَة الَّذِي أخرجه البُخَارِيّ أَن عمر قَالَ يَا رَسُول الله أَلسنا على الْحق وعدونا على الْبَاطِل قَالَ بلَى
قَالَ فَلم نعطي الدنية