للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الآخر

وَإِنَّمَا كَانَ النِّفَاق فِي أهل الْمَدِينَة لِأَن الْإِسْلَام فَشَا بهَا وَعز وَعلا على الشّرك فَبَقيَ أنَاس فِي قُلُوبهم زيغ وغل لم يُؤمنُوا فأسلموا فِي الظَّاهِر تقية وخوفا من السَّيْف والمهاجرون مَا أكرههم أحد وَلَا خَافُوا من الْمُسلمين بل هم كَمَا قَالَ الله تَعَالَى (للْفُقَرَاء الْمُهَاجِرين الَّذين أخرجُوا من دِيَارهمْ وَأَمْوَالهمْ يَبْتَغُونَ فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله وَرَسُوله أُولَئِكَ هم الصادقون) وَأَبُو بكر أفضلهم وَكلهمْ خاطبوه بخليفة رَسُول الله فَمن سماهم الله صَادِقين لَا يتفقون على ضَلَالَة

وقولك يدل على نَقصه نعم كلنا نَاقص بِالنِّسْبَةِ إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم نَدع عصمته كَمَا فَعلْتُمْ

ثمَّ الله قد قَالَ لنَبيه (وَلَا تحزن عَلَيْهِم وَلَا تَكُ فِي ضيق مِمَّا يمكرون) وَقَالَ للْمُؤْمِنين عَامَّة (وَلَا تهنوا وَلَا تحزنوا) وَقَالَ لنَبيه (لَا تَمُدَّن عَيْنَيْك إِلَى مَا متعنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُم وَلَا تحزن عَلَيْهِم) وَلَا يُنَافِي الْحزن الْإِيمَان

وَمن شبه يَقِين الصّديق وَصَبره بِغَيْرِهِ من الصَّحَابَة فَهُوَ جَاهِل وَالصديق أرفع من عُثْمَان بِكَثِير فِي المناقب وَبعد ذَا فقد صَبر عُثْمَان وَثَبت ثباتا مَا مثله حاصروه وراموا طعنه وَقَتله وَهُوَ يمْنَع أنصاره ومواليه عَن حربهم إِلَى أَن ذبحوه وَهُوَ صابر محتسب موقن

ثمَّ إِن قَوْله (لَا تحزن) لَا يلْزم مِنْهُ وُقُوع الْحزن وَكَذَا النَّهْي عَن كل شَيْء كَقَوْلِه (يَا أَيهَا النَّبِي اتَّقِ الله وَلَا تُطِع الْكَافرين وَالْمُنَافِقِينَ) (وَلَا تدع مَعَ الله إِلَهًا آخر) (فَلَا تكونن من الْجَاهِلين)

وهب أَنه حزن فَكَانَ حزنه على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِئَلَّا يقتل فَيذْهب الْإِسْلَام

روى وَكِيع عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن ابْن أبي مليكَة قَالَ لما هَاجر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَخذ طَرِيق ثَوْر فَجعل أَبُو بكر يمشي خَلفه وَيَمْشي أَمَامه أُمَّاهُ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَالك فَقَالَ يَا رَسُول الله أَخَاف أَن تؤتي من خَلفك فأتأخر وأخاف أَن تؤتي من أمامك فأتقدم

فَلَمَّا انتهيا إِلَى الْغَار قَالَ

يَا رَسُول الله كَمَا أَنْت حَتَّى أقمه

قَالَ نَافِع فَحَدثني رجل عَن ابْن أبي مليكَة أَن أَبَا بكر رأى جحرا فِي الْغَار فألقمه قدمه وَقَالَ يَا رَسُول الله إِن كَانَت لدغة كَانَت فِي

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ لَا يُؤمن أحدكُم حَتَّى أكون أحب إِلَيْهِ من

<<  <   >  >>