للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[فصل]

يَا من استبعد أَن تكون أَفعَال الْعباد خلقا لبارىء الْعباد إنفرد بخلقها دون خلقه أَتُرِيدُ أَن تشاهد خلق الله لَهَا ضَرُورَة وَلَا يلحقك شكّ وَلَا ارتياب فِي أَن الله خَالق أَفعَال الْعباد فقد ارشدك مَوْلَاك أَن كنت تعقل فَقَالَ {وَفِي أَنفسكُم أَفلا تبصرون} تَأمل قراءتك الْقُرْآن وَأَنت تحفظه حفظا بليغا هَل إِذْ قَرَأت تعرف نظم الْكَلم بَعْضهَا إِلَى بعض وَضم الْحُرُوف بَعْضهَا إِلَى بعض حَتَّى إِذا قلت بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم تقصد الْكَلِمَة فتجعله حذاء الْكَلِمَة الَّتِي قبلهَا والحرف حذاء الحدف الَّذِي قبله فتبتديء بِالْبَاء ثمَّ بِالسِّين ثمَّ بِالْمِيم قَاصِدا إِلَى ذَلِك حَتَّى تَنْتَهِي إِلَى آخر مَا تَقْرَأهُ وَالله إِنَّك لتعلم من نَفسك وكل قارىء مثلك ذهولك عَن تَرْتِيب الْحُرُوف والكلم شَيْئا فَشَيْئًا وَالدَّلِيل على ذَلِك وَأَنت تعلمه أَنَّك تقْرَأ الْآيَة وَالسورَة وَأَنت ساه ذاهل لاه تَأمل قولي لَك قراءتك تَجِد مَا قلته لَك ونبهتك عَلَيْهِ لَا يعتريك فِيهِ ريب وَلَا شكّ وَإِن غالطت نَفسك وَقلت أَنا الَّذِي أَتَى بالكلم وأرضفها وبالحروف وأنظمها فالحس يكذبك والمشاهدة تخجلك وَهُوَ إِذا وقفت فِي أثْنَاء محفوظاتك وتتحير فَلَا تعرف مَا بعد الْمَوْقُوف عَلَيْهِ وَلَا جرى لسَانك بل كَأَنَّك لم تحفظه قطّ وَرُبمَا قطعت الْقِرَاءَة وركعت ثمَّ أخذت الْمُصحف فتنظر الْكَلِمَة الَّتِي غربت عَلَيْك فتخرجها ثمَّ تعود إِلَى قراءك أَو إسترشدت قَارِئًا إِن كَانَ حَاضرا فَإِذا عرفك الْآيَة أخذت تتعجب من نَفسك وَربا قرأتها مرّة أُخْرَى فوقفت عَلَيْهَا وَلم يفتح لَك بِمَا بعْدهَا كَمَا وقفت اولا ثمَّ تجتهد فِي أَن تعرفها وَتقول قد ردهَا عَليّ فلَان يَوْم كَذَا أَو يلحقك هَذَا فِي أيسر السُّور المحفوظات وَلَا وقفت فِيهِ قطّ لَا سِيمَا وَقد جَاءَ فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى {لَا تحرّك بِهِ لسَانك} الْآيَة إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا جَاءَهُ جِبْرِيل يقرئه الْقُرْآن يستعجل صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قصدا مِنْهُ أَن يضبطه وَلَا ينفلت مِنْهُ فَأوحى الله إِلَيْهِ {لَا تحرّك بِهِ لسَانك لتعجل بِهِ إِن علينا جمعه وقرآنه فَإِذا قرأناه فَاتبع قرآنه}

<<  <   >  >>