هَذَا هُوَ الْحق الْمُبين وَهُوَ طَرِيق بَين طريقي الافراط والتفريط وكلا طرفِي قصد الْأُمُور ذميم وَبِهَذَا الِاعْتِبَار إختار أهل النّظر من الْعلمَاء أَن سموا هَذِه الْمنزلَة بَين المنزلتين كسبا وَأخذُوا هَذِه التَّسْمِيَة من كتاب الله عز وَجل وَهُوَ قَوْله سُبْحَانَهُ {لَهَا مَا كسبت وَعَلَيْهَا مَا اكْتسبت} وَظهر لَك من هَذَا أَن إكتسابات الْعباد خلق لله تَعَالَى دونهم وَكسب لَهُم دون الله تَعَالَى لِأَن الْكسْب لَا يتَصَوَّر من الله تَعَالَى لتَعَلُّقه بِالْقُدْرَةِ الْحَادِثَة وَلَا يتَصَوَّر الْخلق من المخلوقين لعدم علمهمْ بتفاصيل مَا يصدر مِنْهُم وَلما قَامَ من الدَّلِيل أَن لَا خَالق إِلَّا الله وللفقيه أبي الْقَاسِم رَحْمَة الله عَلَيْهِ فِي هَذِه الْمَسْأَلَة تصنيف ممتع بَين فِيهِ حَقِيقَة الْكسْب أملاه عَليّ فاطلبه
وَقد قَامَت الْأَدِلَّة البراهينية فِي الْآيَات الْكِتَابِيَّة أَن الله سُبْحَانَهُ {خَالق كل شَيْء} وَأَن كلا من عِنْد الله وَأَن الله {خَلقكُم فمنكم كَافِر ومنكم مُؤمن}