للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَا يَتَرَدَّدُونَ الا خلف شهواتهم واذا هاج لَهُم غضب أَو حركتهم شَهْوَة أَو أوغر صُدُورهمْ ضغينة لم يبالوا بالاتباع وَلم يعرفوا الا الرُّجُوع الى مَا جبلوا عَلَيْهِ من طباع السبَاع فَكيف تقوم الشَّوْكَة بهم

قُلْنَا هَذَا سُؤال فِي غَايَة الركاكة فَإِن الطَّاعَة الْمَشْرُوطَة فِي حق الْخلق لقِيَام شَوْكَة الامام لَا تزيد على الطَّاعَة الْمَشْرُوطَة على الارقاء وَالْعَبِيد فِي حق ساداتهم وَلَا على الطَّاعَة الْمَفْرُوضَة على الْمُكَلّفين لله وَرَسُوله واحوال العبيد فِي طَاعَة سيدهم وأحوال الْعباد فِي طَاعَة رَبهم لَا تنفك عَن الانقسام إِلَى مُوَافقَة وَمُخَالفَة فَلَمَّا انقسم المكلفون إِلَى المطيعين والعصاة وَلم ينسلخوا بِهِ عَن اهاب الاسلام وَلَا انسلوا بِهِ عَن ربقته مَا داموا معتقدين ان الطَّاعَة لله مَفْرُوضَة وان الْمُخَالفَة مُحرمَة ومكروهة فَهَذَا حَال الْجد فِي الطَّاعَة لصَاحب الامر فانهم وان خالفوا امرا من الاوامر الْوَاجِبَة الطَّاعَة اعتقدوا الْمُخَالفَة اساءة والموافقة حَسَنَة وَلذَلِك تراهم لَا يغيرون العقيدة عَن الْمُوَالَاة وَلَو قطعُوا إربا وَمَا من شخص يقدر مُخَالفَته فِي أَمر من الْأُمُور إِلَّا وَهُوَ بِعَيْنِه إِذا انْتهى إِلَى العتبة الشَّرِيفَة صفع الأَرْض خاضعا وعفر خَدّه فِي التُّرَاب متواضعا ووقف وقُوف أذلّ العبيد على بَابه وانتهض مائلا على رجلَيْهِ عِنْد سَماع خطابه وَلَو نبغت نَابِغَة فِي طرف من أَطْرَاف الأَرْض على معاداة هَذِه الدولة الزاهرة لم يكن فيهم أحد إِلَّا وَيرى النضال دون حوزتها جهادا فِي سَبِيل الله نازلا منزلَة جِهَاد الْكفَّار فأية طَاعَة فِي عَالم الله تزيد على هَذِه الطَّاعَة وأية شَوْكَة فِي الدُّنْيَا تقَابل هَذِه الشَّوْكَة وليت شعري لم لَا يتَذَكَّر الباطنية عِنْد إِيرَاد هَذَا السُّؤَال مَا جرى لعَلي رَضِي الله عَنهُ من اضْطِرَاب الاحوال وتخلف أشياعه عَنهُ فِي الْقِتَال ومخالفتهم لاستصوابه فِي أَكثر الْأَقْوَال وَالْأَفْعَال حَتَّى كَانَ لَا تنفك خطْبَة من خطبه عَن شكايتهم فِي الْإِعْرَاض عَنهُ والاستبداد برأيهم حَتَّى كَانَ يَقُول

<<  <   >  >>