الحمد لله القاسم المرزق والجالب للقوت، القادر فلا يعجزه شيء ولا يفوت، الموصوف بالقدم وبالكرم منعوت، العالم بما فوق الفوق وتحت التحوت، له العز والكبرياء والملكوت، وإليه المرجع والرغبوت، ومنه الخوف والحذر والرهبوت، إذا حدق الفكر نحو عظمته رجع وهو مبهوت، صرعت أقداره العتاة فهلك إبليس وماروت، ورفع إنعامه المحتقرين فملك على ضعفه طالوت، وقوت إعانته المنكسرين فقتل داود جالوت، ينفخ في الصور فيقوم من القبور الأموات الخفوت، ويناقش في السؤال فإذا الفصيح صموت، واعجباً لهذا العظيم يعبد معه صنم منحوت، موصوف بالكلام وقد جل عن وصف السكوت، ولقد قالوا في كلامه ما لا يقال في االموت، جاء جهم ذو النظام والمريس فخربوا البيوت، كل منهم كان محنة وكل طاغوت، أيقال إن القرآن ليس بمسموع ما قال راس المشبه ولا راس الجالوت، كلا بل هو المسموع المتلو في بيوت، يا أئمة السلف جحدت السكينة وسرق التابوت، أتراهم ابتدعوا النبل الحطام سم وخشوت، احذرهم ودع انسهم ثم لا تنسهم في دعاء القنوت، وجاهد أعداء السنة أهل الغي (وَتَوَكَّل عَلى الحيَّ الّذي لا يَمُوتُ) نسجت ثوب السنة فدار المنوال وتم المشتوت، يا لكلامي أحسن من در ماروت، مليح ولا غمرة بدين ولا قنوت، ظرف مملوء ظرفاً لا كقول مكبوت، أيماثل نسج دود القز ونسج بيت العنكبوت، أيشبه الدر بالبعر من مثل هذا أموت، بينه وبين غيره كما بين العرش والبهموت، لا يقدر على مثل قولي ولكن سل عن البخوت.
[الخطبة الخامسة]
الحمد لله القديم فلا يقال متى، القاهر بعز سلطانه كل جبار عتا، المحمود على أي قضاء منه أتى، قرب موسى نجيا فقرت عين الفتى، وأرسله بمعجز العصا إلى من عصى فنسخ بحقه باطلهم نسخ الصيف الشتاء، فلو رأيت أعداءه قد جمعوا واجتمعوا، فنادى لسان النصر ولكن ما سمعوا، (وَألق ما فِي يَمِينِك تَلقَف ما صَنَعوا كَيدُ ساحرٍ ولا يفُلِحُ الساحِرُ حَيثُ أتى) .
[حرف الثاء]
الخطبة الأولى الحمد لله الذي يكشف الكرب يغيث، ويروح بالفرج قلب اللهيث، يحلم عمن يعصي ويفسد، وعيده بطيء ووعده حثيث، أنزل القرآن فجحده الوليد وكم تبع الخبيث، وادعى مسيلمة معارضته فإذا في الرجل تخنيث، وافتضح ذو الخمار فسقطت النقطة من اسمه وميث، هؤلاء لما هلكوا وأخذ المبتدعة المواريث، ما يرضى لهم طوفان نوح وريح عادٍ فاصبر يا مستريث، انتدب الحق بنفسه لجاحد كلامه بمن يستغيث، (فَذَرنِي ومَن يُكَذِّبُ بِهَذا الحَدِيثِ) .
[الخطبة الثانية]
الحمد لله الذي أجزل النعم وبثها بثا، فكم كشف كرباً وكم رفع بثا، وكم قوى أملاً كان قد رثا، أنزل من السماء ماء فسقى حرثا، وأخرج لبناً قد جاور دماً وفرثا، فردى به نفوساً كانت عطشى غرثى، أنشأ الجبال صماً ثم يعيدها هباء منبثا، كمثل الرجل ونقص وحير الخنثى، وكم سلب طفلاً وما بلغ بعد حنثا، وجازى بالأعمال فيها يثنى ويثنى، أقام العابدين يبعثون نوق الجد يحذرون بعثا، فكلما حركهم الخوف زادوا المطي حثا، (فاستَجابَ لَهُم رَبُّهُم أنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عاملٍ مِنكُم مِن ذَكرٍ أو أُنثى) .
[الخطبة الثالثة]
الحمد لله مخرج المزارع برفقة والحروث، ومشبع الجائع برزقه والفروث، من أصل كالبذر وغير أصل كالكشوث، يحب الوافي بالعهود ويقلي النكوث، ويبغض النفاق وتكفي سورة البحوث، يخلط الأمشاج في مستقرها ويموث، فترتب القدرة المعا ثم الفروث، والكبد تطبخ الطعام وهو بالهضم محثوث، والقلب تارة يفرح وتارة مخروث، والروح مدبر البدن والقلب سلطان البعوث، والآدمي قليل الشكر للنعم وللبلاء نفوث، متكبر وتؤذيه بقة ويزعجه برغوث، سبحان من صنعه جميع الموجودات من يعوق ومن نسر ومن يغوث ويا قلة بقائه ثم إنه بعد الموت مبعوث، يوم تظهر الأموال الرائعة إذا وقعت الواقعة (القارِعَةُ، وما القارِعَة. وَما أدراكَ ما القارِعَة، يَومَ يَكُونُ الناسُ كالفَراشِ المَبثُوث) .