لست مضين من جُمَادَى الأولى سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ خلع ابْنه أهل القيروان وَقدمُوا إِبْرَاهِيم بن أَحْمد فِي قصَّة طَوِيلَة فَابْتَلَاهُمْ الله بظلمه وامتحنهم بإسرافه حَتَّى سموهُ الْفَاسِق وَكَانَ أول أمره قد أحسن السِّيرَة فيهم نَحوا من سبع سِنِين ثمَّ ارْتكب من الْعدوان وَسَفك الدِّمَاء مالم يرتكبه أحد قبله وَأخذ فِي قتل أَصْحَابه وَكتابه وحجابه حَتَّى إِنَّه قتل ابْنه أَبَا عقال وَبنَاته وَالْأَخْبَار عَنهُ فِي ذَلِك فظيعة شنيعة وَكَانَ كثير المَال شَدِيد الْحَسَد على اتصافه بالحزم والعزم والضبط للأمور وَلم يكن يُوصف بِعلم بارع وَلَا أدب وَكَانَ رُبمَا صنع من الشّعْر شَيْئا ضَعِيفا فَمن ذَلِك قَوْله
وَحذف هَذَا النّظم الغث أولى من إثْبَاته وليته بعقاب أهل بَيته عُوقِبَ على أبياته وَلم يل إفريقية قبله أطول عمرا مِنْهُ فِي سلطانها ملك تسعا وَعشْرين سنة إِلَّا خَمْسَة أشهر وَثَمَانِية عشر يَوْمًا ليطول بِهِ الِابْتِلَاء وَالله يفعل مَا يَشَاء
(وَحكى أَبُو عبيد البكرى فِي كتاب الممالك والمسالك من تأليفه أَن إِبْرَاهِيم بن أَحْمد هُوَ الَّذِي بنى مَدِينَة رقادة وتخذها وطنا وانتقل إِلَيْهَا من مَدِينَة الْقصر الْقَدِيم وَبنى بهَا قصوراً عَجِيبَة وجامعاً وَلم تزل بعد ذَلِك دَار ملك لبنى الْأَغْلَب إِلَى أَن هرب عَنْهَا زِيَادَة الله أَمَام أَبى عبد الله الشيعي وسكنها عبيد الله الْمهْدي إِلَى أَن انْتقل إِلَى المهدية فَدَخلَهَا الوهن وانتفل عَنْهَا ساكنوها وَلم تزل تخرب شَيْئا بعد شَيْء إِلَى أَن ولى معد بن إِسْمَاعِيل فخرب مَا بَقِي مِنْهُ وَعفى آثارها وَلم يبْق مِنْهَا غير بساتينها
قَالَ وَلَيْسَ بإفريقية أعدل هَوَاء وَلَا أرق نسيماً وَلَا أطيب تربة من مَدِينَة رقادة وَذكروا أَن أحد بنى الْأَغْلَب ارق وشرد عَنهُ النّوم أَيَّامًا فعالجه