للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الْقَرِيبَة وأثمر الثَّمَرَة الزكية ودب دَبِيب الشِّفَاء فِي السقام فنعش مِنْهَا الرفات وألحفها رِدَاء الْأَمْن ومانع عَنْهَا من كَانَ يطْلبهَا من أُمَرَاء البرابرة المتوزعين أسلابها بخفض الْجنَاح ومعاملة الرِّفْق حَتَّى حصل على سلمهم واستدرار مرافق بِلَادهمْ ودارى القاسطين من مُلُوك الْفِتْنَة حَتَّى حفظوا حَضرته وأوجبوا لَهَا حُرْمَة بمكابدته الشدائد حَتَّى ألانها بضروب احتياله فرخت الأسعار وَصَاح الرخَاء بِالنَّاسِ أَن هلموا فلبّوه من كل صقع فَظهر تزيّد النَّاس بقرطبة من أول تَدْبيره لَهَا وغلت الدّور وحرّكوا الْأَسْوَاق وتعجب ذَوُو التَّحْصِيل للَّذي أرى الله فِي صَلَاح النَّاس من الْقُوَّة ولمّا تعتدل حَال أَو يهْلك عَدو أوتقو جباية وَأمر الله تَعَالَى بَين الْكَاف وَالنُّون

وَقَالَ الْحميدِي لم يدْخل فِي أُمُور الْفِتَن قبل ذَلِك وَكَانَ يتصاون عَنْهَا

فَلَمَّا خلاله الجو وأمكنته الفرصة وثب عَلَيْهَا يَعْنِي قرطبة فَتَوَلّى أمرهَا واستضلع بحمايتها وَلم ينْتَقل إِلَى رُتْبَة الْإِمَارَة ظَاهرا بل دبرهَا تدبيراً لم يسْبق إِلَيْهِ وَجعل نَفسه ممسكاً للموضع إِلَى أَن يَجِيء مُسْتَحقّ يتَّفق عَلَيْهِ فَيسلم إِلَيْهِ

ورتّب البوابين والحشم على أَبْوَاب تِلْكَ الْقُصُور على مَا كَانَت عَلَيْهِ أَيَّام الدولة وَلم يتَحَوَّل من دَاره إِلَيْهَا وَجعل مَا يرْتَفع من الْأَمْوَال السُّلْطَانِيَّة بأيدي رجال رتّبهم لذَلِك وَهُوَ المشرف عَلَيْهِ وصيّر أهل الْأَسْوَاق جنداً وَجعل أَرْزَاقهم رُؤُوس أَمْوَال تكون بِأَيْدِيهِم محصاة عَلَيْهِم يَأْخُذُونَ ربحها فَقَط ورؤوس الْأَمْوَال بَاقِيَة مَحْفُوظَة يؤخذون بهَا ويراعون فِي الْوَقْت بعد الْوَقْت

<<  <  ج: ص:  >  >>