وخفي أثر لذريق فَلَا يدْرِي أَيْن صقع وَلَا مَا فعل إِلَّا أَن الْمُسلمين وجدوا فرسه الْأَشْهب الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ وسرجه من ذهب مكلل بالياقوت والزبرجد وَقد ساخت قوائمه فِي حمأة وَقع فِيهَا وغرق العلج فَثَبت أحد خفيه فِي الطين فَأخذ وخفي الآخر وَغَابَ شخصه فَمَا وجد حيّاً وَلَا مَيتا
ثمَّ تَمَادى طَارق على افْتِتَاح الْبِلَاد وَدخل طليطلة وَكتب إِلَى مُوسَى بن نصير يُعلمهُ فَكتب إِلَيْهِ أَلا يُجَاوز قرطبة حَتَّى يقدم عَلَيْهِ ثمَّ خرج إِلَى الأندلس فِي رَجَب سنة ثَلَاث وَتِسْعين واستخلف على القيروان ابْنه عبد الله ابْن مُوسَى وَكَانَ أسنّ وَلَده فَفتح الله فتحا لَا كفاء لَهُ وَكتب إِلَى الْوَلِيد إِنَّهَا لَيست بالفتوح وَلكنه الْحَشْر
ثمَّ خرج بغنائمه واستخلف على الأندلس ابْنه عبد الْعَزِيز فَلَمَّا قدم إفريقية كتب إِلَيْهِ الْوَلِيد بِالْخرُوجِ إِلَيْهِ فَخرج واستخلف على إفريقية ابْنه عبد الله وَسَار بِتِلْكَ الْغَنَائِم والهدايا حَتَّى قدم مصر وَمرض الْوَلِيد فَكَانَ يكْتب إِلَى مُوسَى يستعجله وَيكْتب إِلَيْهِ سُلَيْمَان بن عبد الْملك بالمكث وَالْمقَام ليَمُوت الْوَلِيد وَيصير مَا مَعَ مُوسَى إِلَيْهِ فَقدم على الْوَلِيد وَهُوَ مَرِيض مَرضه الَّذِي مَاتَ مِنْهُ فنكبه سُلَيْمَان لأوّل ولَايَته وأغرمه مائَة ألف دِينَار وَأخذ مَا كَانَ لَهُ وأقامه للشمس وَقتل ابْنه عبد الْعَزِيز وَبعث بِرَأْسِهِ إِلَى سُلَيْمَان وَذَلِكَ فِي سنة سبع وَتِسْعين فَأرَاهُ أَبَاهُ وَقَالَ لَهُ أتعرف هَذَا قَالَ نعم أعلمهُ صوّاماً قوّاماً فَعَلَيهِ لعنة الله إِن كَانَ الَّذِي قَتله خيرا مِنْهُ
وَمكث أهل الأندلس بعد ذَلِك لَا يجمعهُمْ وَال وَكَانُوا أمّروا عِنْد قَتله أَيُّوب ابْن أُخْت مُوسَى بن نصير وعزم سُلَيْمَان على الْحَج فَأخْرج مُوسَى مَعَه على قتب فَتوفي فِي طَرِيقه سنة سبع وَتِسْعين