وَحكى أَن الرشيد وعد أَخَاهُ سَلمَة بن تَمِيم إِطْلَاقه وَبلغ ذَلِك إِبْرَاهِيم ابْن الْأَغْلَب فَكتب إِلَى عمته وَهِي بِبَغْدَاد فِي سمه فأشتهى تَمام حوتاً فَسَمتْهُ لَهُ فَمَاتَ من أكله بعد أَن ذهب بَصَره فِي المطبق قبل مَوته بِشَهْر وَعلم الرشيد بذلك فترحم عَلَيْهِ وتوجع لَهُ وَأحسن إِلَى سَلمَة أَخِيه وَصَرفه إِلَى إفريقية
٣٢ - إِبْرَاهِيم بن الْأَغْلَب بن سَالم بن عقال أَبُو إِسْحَق
ولاه الرشيد إفريقية بعد مُحَمَّد بن مقَاتل العكى فأستقل بملكها وأورث سلطنها بنيه نيفاً على مائَة سنة وَكَانَ فَقِيها عَالما أديباً شَاعِرًا خَطِيبًا ذَا رأى وبأس وحزم وَمَعْرِفَة بِالْحَرْبِ ومكائدها جرىء الْجنان طَوِيل اللِّسَان حسن السِّيرَة لم يل إفريقية أحد قبله من الْأُمَرَاء أعدل فِي سيرة وَلَا أحسن لسياسة وَلَا أرْفق برعية وَلَا أضبط لأمر مِنْهُ
وَكَانَ فِي أول حَالَته كثير الطّلب للْعلم والأختلاف إِلَى اللَّيْث بن سعد الْفَقِيه وَاللَّيْث وهب لَهُ جلاجل أم ابْنه زِيَادَة الله فَخرج بهَا حَتَّى وصل الزاب وعَلى إفريقية يَوْمئِذٍ الْفضل بن روح بن حَاتِم فلقى من تعصبه وَسُوء مجاورته عَظِيما وَأقَام أَخُوهُ عبد الله بن الْأَغْلَب بِمصْر وَكَانَ ذَا نعْمَة عَظِيمَة فَلَمَّا توفّي أرتحل بنوه إِلَى إفريقية
وَولى الزاب من قبل هَارُون الرشيد وَابْن العكى على إفريقية وَقد تقدم ذكر نصرته لِابْنِ العكى إِلَى أَن صرف بإبراهيم سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَمِائَة