للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَلما ظَهرت كتب ابْن عَرَبِيّ وَكَانَ المتصدي لشرائها الشَّيْخ أَحْمد الرداد أنكر عَلَيْهِ الإِمَام ابْن نور الدّين وشنع على مطالعتها فَلَمَّا علم ابْن الرداد بذلك وَهُوَ مُتَوَلِّي الْقَضَاء الْأَكْبَر أحضرهُ من بَلَده إِلَى مَدِينَة زبيد وَذَلِكَ فِي الدولة الناصرية الغسانية فَلَمَّا وصل اجْتمع مَعَ جمَاعَة من الْفُقَهَاء والصوفية فِي مجْلِس حافل وَطلب ابْن الرداد مناظرته فَأَقَامَ الإِمَام مُحَمَّد بن نور الدّين حجَّته بِبُطْلَان كَلَام ابْن عَرَبِيّ فِي كتبه فهمت الصُّوفِيَّة بِالْفَتْكِ بِالْإِمَامِ نور الدّين فَقَامَ بنصرته الْأَمِير مُحَمَّد بن زِيَاد فخلصه مِنْهُم ثمَّ عَاد إِلَى بَلَده فصنف كتابا فِي الرَّد على ابْن عَرَبِيّ وَسَماهُ كتاب كشف الظلمَة عَن هَذِه الْأمة وصنف كتبا فِي غير ذَلِك مِنْهَا تيسير الْبَيَان فِي أَحْكَام الْقُرْآن وَكتاب مصابيح الْمعَانِي فِي حُرُوف الْمعَانِي فِي النَّحْو وَكَانَ يستنبط الْفُرُوع الصَّحِيحَة والفوائد الغريبة مَا يقر لَهُ النَّاظر ويبتهج بِهِ الخاطر وَملك من الْكتب المسموعات كثيرا وضبطها أحسن ضبط وصححها وَكتب عَلَيْهَا فِي الْحَوَاشِي مَا جَوَابه تَحت كَلَام الْأَئِمَّة مِمَّا يبتهج بِهِ المحصلون وَكَانَ ذَا صَدَقَة وأفعال للخير كَثِيرَة يبْدَأ بأقاربه وجيرانه ثمَّ يعم كل مُحْتَاج علم بِهِ أَو وصل إِلَيْهِ وَلَا يدّخر فِي بَيته إِلَّا مَا يسد بِهِ خلته فِي وقتهم وَهُوَ الَّذِي ابْتَدَأَ بعمارة جَامع موزع وَلما عجز عَن تَمَامه أرْسلت إِلَيْهِ جِهَة فرحان زَوْجَة السُّلْطَان الْأَشْرَف بن الإفضل بِمَال جزيل تمم بِهِ عمَارَة الْجَامِع وَاشْترى بِالَّذِي بَقِي مِنْهُ أَرضًا أوقفها على الْجَامِع وَظَهَرت لَهُ كرامات فِي حَيَاته وَبعد مَوته وَكَانَ مجاب الدعْوَة توفّي بعد سنة عشر وثمانمئة رَحمَه الله تَعَالَى ونفع بِهِ وبعلومه

<<  <   >  >>