ثمَّ لما توفّي الإِمَام العواجي خَلفه بمنصبه وَلَده الْفَقِيه شهَاب الدّين أَحْمد فَقَامَ قيَاما تَاما وَكَانَ لَهُ الجاه العريض وَالْكَرم المستفيض فغايره بعض أهل الْأَمر وحبسه فِي عدن وصادره بِأخذ شَيْء كَبِير من المَال سلمه ثمَّ خرج من الْحَبْس مبطونا فَمَاتَ رَحمَه الله فِي آخر الشَّهْر الَّذِي خرج فِيهِ من الْحَبْس وقبر فِي مَقْبرَة بناأبه رَحمَه الله ونفع بِهِ
وَمِنْهُم القَاضِي الْأَجَل جمال الدّين مُحَمَّد بن عَليّ وَقد سمي بطال بن مياس كَانَ فَقِيها عَالما مدرسا مفتيا تولى الْقَضَاء فِي لحج وَحمد فِي أَحْكَامه وَحسن سيرته وَتُوفِّي بِشَهْر رَجَب سنة سبع عشرَة وثمانمئة وَنَشَأ لَهُ ولدان نجيبان أَحدهمَا اسْمه أَحْمد قَرَأَ على وَالِده وعَلى غَيره من فُقَهَاء وقته فَنَشَأَ أحسن نشوء كتب إِلَيّ بعض البلغاء ديمته فِي الْعلم غزيرة وعومته فِيهِ عميقة وَكَانَ وَالِده دونه وَانْفَرَدَ هَذَا الْوَلَد بِزِيَادَة على البلاغة بفن الْأَدَب والإنشاء فَطَلَبه السُّلْطَان النَّاصِر لذَلِك فضرع وَالِده إِلَى السُّلْطَان أَن يعذرهُ عَن ذَلِك فأعفاه وَتُوفِّي قبل وَالِده بِنصْف سنة قبل سنة سِتّ عشرَة وثمانمئة
وَأما الْوَلَد الثَّانِي فَسَماهُ عبد الْقَادِر كَانَ ذكيا حاذقا فطنا لبيبا وَكَانَ خَطِيبًا بقرية بناأبه ثمَّ توفّي إِلَى رَحْمَة الله تَعَالَى سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وثمانمئة
وَمِمَّنْ تولى الخطابة مِنْهُم ببنا أبه بعد الَّذِي تقدّمت وفاتهم القَاضِي وجيه الدّين عبد الرَّحْمَن بن مياس كَانَ صيتًا وَإِذا خطب خشع فيخشع النَّاس بخشوعه دَامَ على الْخطْبَة وأسن ثمَّ توفّي بعد سنة عشْرين وثمانمئة
وَله ولد يُسمى عبد الْقَادِر هُوَ الْآن خطيب الرعارع وَهُوَ حسن الصَّوْت طيب النغمة يحفظ من الْخطب البليغة شَيْئا كثيرا فيزينها بِلَفْظِهِ الدُّرِّي فتؤجل