جمال الدّين أبي حميش وَقد حقق الْفَتَاوَى وتصدر للتدريس وَهُوَ مطمئن الجأش على النزاع وسنه قريبَة من الثَّلَاثِينَ حِينَئِذٍ وَقد غلب عَلَيْهِ الْوَرع وشمله القنوع وَهُوَ كثير الذّكر وَالصَّوْم وَالْعِبَادَة شَدِيد الْجهد فِي طلب الإفادة فَقِيها مجودا محققا متثبتا غير نَاظر إِلَى الْوَظَائِف كثير الْخلْوَة والاحتجاب قريب الْجَانِب للطلاب لَا يَنْفَكّ عَن مُرَاجعَة الشُّرُوح وَلَا يتْرك النّظر فِي تدقيق الْمسَائِل وتحبيرها بالاستعداد الْمُعَلق مَعَ نور الْقلب بمشكاة الْفَتْوَى وَقد اعْترض على الغزولي فِي جَوَاب مسَائِل ذكرتها فِي الأَصْل وَلم يزل هَذَا الْفَقِيه أَبُو فضل على الْحَال المرضي آخِذا بدرجات الْمجد إِلَى أَن توفّي بِشَهْر شَوَّال سنة ثَلَاث وتسعمئة رَحمَه الله تَعَالَى وَسَائِر الْمُسلمين آمين
وَقد أجمع النَّاس على فضل هذَيْن الْإِمَامَيْنِ أبي فضل وَأبي مخرمَة الْآتِي ذكره وأنهما جمعا الْعلم وَالْعَمَل وأنهما وحيدا عصرهما فِي قطرهما فقد فاقا أهل زمانهما وَلم يكن فِي الْبَلَد من يدانيهما فِي الْفَتْوَى والتدريس وَفعل الْخَيْر مَعَ ملازمتهما للزهد والورع
وَمِنْهُم الْفَقِيه عفيف الدّين عبد الله بن أَحْمد بن عَليّ أَبُو مخرمَة قَالَ فِيهِ الشَّيْخ جمال الدّين المغربي هُوَ رجل فَاضل نجيب كيس عذب المذاق حسن الْأَخْلَاق شَدِيد الِاجْتِهَاد فِي الْعِبَادَة بَرِيء من الأحقاد وَفَسَاد الْفَهم أذا أفتى أَفَادَ فأجاد وَهُوَ مجود فِي الْأَلْفَاظ المفيدة لَهُ فِي كل يَوْم إفادات جَدِيدَة لَا يساوره قرن فِي فنه مُحَقّق فِي الحَدِيث وَالسّنة وَالْفُرُوع وَالْأُصُول وَهُوَ فِي قيد الْحَيَاة من سنة