للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إليهم فتاتهم إلى صحابي، فلم يرتضوه، فنزلت الآية بسبب ذلك (١)، وعاتبتهم عتابا شديدا، مع أنه خاص من أمورهم خولته لهم الشريعة، لكنه لما عارض أمر النبي صلى الله عليه وسلم اعتبر مخالفة وعصيانا، فما بالك بوجوب طاعته واتباعه صلى الله عليه وسلم في سائر الأمور.

ولقد تواترت الأحاديث عنه صلى الله عليه وسلم في وجوب الأخذ بهديه في كل شيء من الأمور، صغيرها وكبيرها، جليلها وحقيرها، على منشط النفس ورضاها، أو على كراهيتها وإبائها ومخالفة هواها.

ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة" (٢).

وقال: "إن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها" (٣).

بل إن النبي صلى الله عليه وسلم يؤكد الأخذ بحديثه الشريف على الرغم من التيارات الفاسدة والأعراف الاجتماعية المنحرفة، ويحض على اتباع سنته لما فيها إذ ذاك من مضاعفة الأجر:

قال صلى الله عليه وسلم: "من أحيا سنة من سنتي قد أميتت


(١) تفسير ابن كثير: ٣: ٤٩٠. لكن الروايات اختلفت في تعيين الأشخاص، فقيل إنها بشأن خطبة زينب بنت عمته صلى الله عليه وسلم لمولاه زيد بن حارثة، فلم يرتضوه لأنه لأنه مولى. وقيل خطب إلى بعض الأنصار فتاتهم لرجل من أصحابه فأبوا. فاحتججنا بالمعنى المشترك بين هذه الروايات.
(٢) أبو داود في لزوم السنة بلفظه: ٤: ٢٠٠ - ٢٠١. والترمذي في العلم وقال: حسن صحيح: ٢/ ٩٢. وابن ماجه في السنة: ١٥.
(٣) مسلم: ٣: ١١.

<<  <   >  >>