في نهاية هذا التطواف العلمي العقلي للبحث وراء علل الأخبار واحتمالات النقد فيها، نستخلص بشكل جازم قاطع شمول منهج المحدثين النقدي كل أوجه الاحتمال في جوانب الحديث كافة، سندا ومتنا، شمولا دقيقا متناسقا يشكلل نظرية وفلسفة نقدية كاملة، سندا ومتنا، شمولا دقيقا متناسقا يشكل نظرية وفلسفة نقدية كاملة، وذلك ما قد جلاه كتابنا هذا، بحمد الله وتوفيقه، فالأساس الأول هو أداء الراوي للحديث كما سمعه، وهذا يقتضي أولا دراسة الراوي، وقد حقق المحدثون ذلك بدراسات مستفيضة متنوعة دقيقة، وضعوا فيها شروط الراوي الثقة "العدالة والضبط، ثم وضعوا العلوم التي تكشف أمور الرواة، فبحثوا في اسمائهم وفي تواريخهم وأماكنهم وبما يتصل بهذه الأوصل من المسائل في ثلاثين نوعا من أنواع علوم الحديث، لها فروعها ومسائلها وتصانيفها الكثيرة التي تتناول جزئياتها بالنسبة لكل راو جزئية جزئية.
ثم إن للحديث جوانب أخرى سوى شخص الراوي قد تدل على الضعف أو السلامة في النقل، وهي إما أن تكون قد أخذ الراوي أو أدائه للحديث أو في سلسلة السند أو في عين المتن، أو مشتركة بين السند والمتن، وقد استوفى المحدثون بحث ذلك كله وتتبعوا كل احتمال للقوة أو الضعف فيها حسبما درسناه مفصلا في كل باب من الأبواب