والحقيقة أن نفي الشذوذ يتحقق بالشروط السابقة، لكنهم صرحوا بانتفائه لأن الضبط ملكة عامة بالنسبة لجملة أحاديث الراوي، إلا أنه قد يحتمل أن يقع منع وهم في حديث ما، دون أن يفقد صفة الضبط لسائر حديثه، فهذا يخل بصحة الحديث الذي وهم فيه فقط، لذلك صرحوا بنفي الشذوذ.
٥ - عدم الإعلال: ومعناه سلامة الحديث من علة تقدح في صحته، أي خلوه من وصف خفي قادح في صحة الحديث والظاهر السلامة منه، فخرج بهذا الشرط الحديث المعلل، فلا يكون صحيحا.
ووجه دلالة هذه الشروط الخمسة على صحة الحديث: أن العدالة والضبط يحققان أداء الحديث كما سمع من قائله، واتصال السند على هذا الوصف في الرواة يمنع اختلال ذلك في أثناء السند، وعدم الشذوذ يحقق ويؤكد ضبط هذا الحديث الذي نبحثه بعينه وأنه لم يدخله وهم، وعدم الإعلال يدل على سلامته من القوادح الظاهرة، فكان الحديث بذلك صحيحا لتوفر عامل النقل الصحيح واندفاع القوادح الظاهرة والخفية. فيحكم له بالصحة بالإجماع.
أما ما تجده أحيانا من اختلافهم في تصحيح حديث من الأحاديث، فإنه ناشي عن أحد أمرين:
الأول: أختلافهم في أن الحديث هل استوفى شروط الصحة التي أوضحناها، فحكم كل بما انتهى إليه اجتهاده.
الثاني: اختلافهم في اشتراط بعض هذه الشروط للصحة، كالحديث المرسل، بعض العلماء يصححه إذا استوفى بقية الشروط،