للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فجاء مطابقا للمعرف، ميزا له عن غيره تماما.

مثال الحديث الحسن: ما رواه أحمد (١) قال: ثنا يحيى بن سعيد عن بهز بن حكيم حدثني أبي عن جدي قال: قلت: يا رسول الله من أبر؟ قال: أمك. قال: قلت: ثم من؟ قال: ثم أمك. قال: قلت: ثم من؟ قال: أمك، ثم أباك، ثم الأقرب فالأقرب.

فهذا الحديث سنده متصل، لا شذوذ فيه ولا علة قادحة، حيث لم يقع في هذه السلسلة أي اختلاف بين الرواة ولا في المتن.

والإمام أحمد وشيخه يحيى بن سعيد وهو القطان إمامان جليلان، وبهز بن حكيم من أهل الصدق والصيانة حتى وثقه علي بن المديني ويحيى بن معين والنسائي وغيرهم، لكن استشكل العلماء بعض مروياته حتى تكلم فيه شعبة بن الحجاج بسبب ذلك، وهذا لا يسلبه صفة الضبط، لكنه يشعر بأنه خف ضبطه (٢)، ووالده حكيم وثقه العجلي وابن حبان. وقال النسائي: ليس به بأس. فيكون حديث بهز هذا حسنا لذاته كما حكم العلماء بل هو من أعلى مراتب الحسن.

ومن هذا تبين أن ثمة تشابها كثيرا بين الحسن والصحيح. حتى إن طائفة من أهل الحديث جعلت الحسن مندرجا في الصحيح، ولم يجعلوه نوعا منفردا، وهو الظاهر من كلام الحاكم أبي عبد الله النيسابوري في تصرفاته.

لكن العمل بين المحدثين استقر على اعتبار الحسن نوعا منفردا،


(١) في المسند ج ٥ ص ٥.
(٢) المغني رقم ١٠٠٧، والتهذيب: ١: ٤٩٨ - ٤٩٩.

<<  <   >  >>