للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد تأملنا سنن أبي داود فوجدنا الأحاديث التي يسكت عليها متنوعة جدا؛ فمنها الصحيح المخرج في الصحيحين، ومنها صحيح لم يخرجاه، ومنها الحسن، ومنها أحاديث ضعيفة أيضا لكنها صالحة للاعتبار، ليست شديدة الضعف، فتبين بذلك أن مراد أبي داود من قوله "صالح" المعنى الأعم الذي يشمل الصحيح والحسن، ويشمل ما يعتبر به ويتقوى لكونه يسير الضعف. وهذا النوع يعمل به لدى كثير من العلماء، مثل أبي داود وأحمد والنسائي، وإنه عندهم أقوى من رأي الرجال (١).

٣ - "المجتبى" للإمام أبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي المولود سنة " (٢١٥) هـ" والمتوفى " (٣٠٣) هـ".

قال الدارقطني: "أبو عبد الرحمن مقدم على كل من يذكر بهذا العلم من أهل عصره".

وقال الحافظ ابن يونس: "كان النسائي إماما حافظا ثبتا" (٢).

وقد اشتهر النسائي بشدة تحريه في الحديث والرجال، وأن شرطه في التوثيق شديد. وضع كتابا كبيرا جدا حافلا عرف "بالسنن الكبرى" وهذا الكتاب"المجتبى" المشهور بسنن النسائي منتخب منه وقد قيل إن اسمه المجتنى" بالنون.

وكتاب "المجتبى" هذا يسير على طريقة دقيقة تجمع بين الفقه وفن الإسناد، فقد رتب الأاديث على الأبواب، ووضع لها عناوين تبلغ أحيانا منزلة بعيدة من الدقة، وجمع أسانيد الحديث الواحد في موطن واحد، وبذلك سلك أغمض مسالك المحدثين وأجلها.


(١) انظر رسالة أبي داود: ٧، وعلوم الحديث: ٣٣ - ٣٤ وغيرهما.
(٢) تذكرة الحفاظ: ٦٩٨ - ٧٠١.

<<  <   >  >>