الجواب أن علم الحديث دراية يوصل إلى معرفة المقبول من المردود بشكل عام أي بوضع قواعد عامة. فأما علم رواية الحديث فإنه يبحث في هذا الحديث المعين الذي تريده، فيبين بتطبيق تلك القواعد أنه مقبول أو مردود، ويضبط روايته وشرحه، فهو إذن يبحث بحثا جزئيا تطبيقيا، فالفرق بينهما كالفرق بين النحو وبين الإعراب وكالفرق بين أصول الفقه وبين الفقه.
غاية علم المصطلح:
وقد أقيم بنيان هذا العلم لغاية عظيمة جليلة هي حفظ الحديث النبوي من الخلط فيه أو الدس والافتراء عليه، وتلك الوظيفة هي غاية في الأهمية تشتمل على فوائد لها خطرها الكبير، منها:
١ - أنه تم بذلك حفظ الدين الإسلامي من التحريف والتبديل فقد نقلت الأمة الحديث النبوي بالأسانيد، وميزت به الصحيح عن السقيم، ولولا هذا العلم لالتبس الحديث الصحيح بالضعيف والموضوع، ولاختلط كلام الرسول بكلام غيره.
٢ - أن قواعد هذا العلم تجنب العالم خطر الوعيد العظيم الذي يقع على من يتساهل في رواية الحديث وذلك بقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح المستفيض عنه:"من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين"(١). وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتواتر:"من كذب علي فليتبوأ مقعده من النار".
٣ - أن هذا العلم قد أجدى فائدة عظيمة في تنقية الأذهان من
(١) أخرجه مسلم في مقدمة صحيحه: ١: ٧، والترمذي في العلم وصححه: ٥: ٣٦، وأخرجه ابن ماجه: ١٤٠١٥، عن علي بن أبي طالب وعن المغيرة بن شعبة وعن سمرة بن جندب. وانظر فيض القدير: ٦: ١١٦.