للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لكن المسلسلات على الرغم من عذوبة وقعها تسلم رواية التسلسل فيها من ضعف، وإن صح أصل الحديث. ومن المسلسل ما ينقطع تسلسله في أثناء إسناده، وذلك نقص فيه. كحديث عبد الله بن عمرو مرفوعا: "الراحمون يرحمه الرحمن" المسلسل بأول حديث سمعته، فإنه إنما يصح التسلسل فيه بالأولية من أول السند إلى سفيان بن عيينة، وينقطع هذا التسلسل بين سفيان ومن فوقه إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

ومن أصح مسلسل يروى في الدنيا المسلسل بقراءة سورة الصف، رواه الترمذي في جامعه (١)، قال: حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن أخبرنا محمد بن كثير عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال: قعدنا نفرًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتذاكرتا فقلنا: لو نعلم أي الأعمال أحب إلى الله وهو العزيز الحكيم، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ} قال ابن سلام: فقرأها علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال أبو سلمة. فقرأها علينا عبد الله بن سلام. قال يحيى: فقرأها علينا أبو سلمة. قال: ابن كثير: فقرأها علينا الأوزاعي. قال عبد الله: فقرأها علينا ابن كثير.

ونضيف إلى هذا فنقول: أصح أقسام التسلسل المسلسل بالحفاظ، كحديث مالك عن نافع عن ابن عمر، بل إن الحافظ ابن حجر قال في شرح النخبة (٢): "إنه يفيد القطع حيث لا يكون غريبا".


(١) في التفسير "باب سورة الصف": ٥: ٤١٢ - ٤١٣.
(٢): ٢٧. والأمثلة التي أوردناها مخرجة بإسنادهما في المناهل السلسلة، لم نطول بالعزو إليه.

<<  <   >  >>