للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وروى البخاري: حدثنا مكي بن إبراهيم قال حدثنا يزيد بن أبي عبيد عن سلمة قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "من يقل علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار" (١).

وقد تساهل من جمع ثلاثيات المسند فأوردا فيه مثل إسناد "هُشَيم عن حُمَيد عن أنس" هكذا بهذا اللفظ، وهشيم وحميد مدلسان ولم يصرحا بالتحديث، مما يدخل على السند احتمال الانقطاع وحذف الوسائط. وفيه أحاديث كثيرة من هذا القبيل.

أما إذا كان قرب الإسناد مع ضعف بعض الرواة فلا التفات إلى هذا العلو، وقد اتخذ بعض الكذابين العلو وسيلة لترويج كذبهم، فادعى بعضهم الصحبة، مثل رتن الهندي (٢). وادعى بعضهم السماع من الصحابة، مثل إبراهيم بن هدبة، ودينار بن عبد الله، وأبي الدنيا الأشج، فافتضحوا بكذبهم، ولم يجعل لهم المحدثون أي عبرة، بل لا تجوز الرواية عنهم. ومن فرح بعلو سندهم فهو عامي يعد الرواة عدا، ولا يدري فيهم نقدا! !

القسم الثاني: القرب من إمام من أئمة الحديث. وهو علو نسبي، كالعلو إلى مالك، والأوزاعي، وسفيان وشعبة. وإنما يوصف بالعلو إذا صح الإسناد إلى ذلك الإمام بالعدد اليسير من الرجال.

ووجه اعتبار هذا علوا -فيما يبدو لنا- أن هؤلاء الأئمة قد انتهى إليهم علم الحديث وحفظه، فأصبح خوف الخلل في رواياتهم مأمونا، فرغبوا في العلو إليهم، لما فيه من قوة السند.

القسم الثالث: العلو بالنسبة إلى الكتب الحديثية المشتهرة، وهو


(١) مطلع ثلاثيات البخاري ص ٣، وانظر البخاري: ١: ٢٩.
(٢) المار ذكره في ص ١١٩.

<<  <   >  >>