أما الاعتبار في الحديث فهو أن يعتضد بواحد من أربعة أمور:
١ - أن يروى مسندا من وجه آخر.
٢ - أو يروى مرسلا بمعناه عن راو آخر لم يأخذ عن شيوخ الأول فيدل ذلك على تعدد مخرج الحديث.
٣ - أو يوافقه قول بعض الصحابة.
٤ - أو يكون قد قال به أكثر أهل العلم.
وأما الاعتبار في راوي المرسل فإن يكون الراوي إذا سمى من روى عنه لم يسم مجهولا ولا مرغوبا عنه في الرواية.
فإذا وجدت هذه الأمور كانت دلائل على صحة مخرج حديثه، كما قال الشافعي، فيحتج به.
المذهب الثالث: مذهب أبي حنيفة ومالك وأصحابهما، وهو أن المرسل من الثقة صحيح يحتج به، ودليلهم على ذلك:
١ - أن الراوي الثقة لا يسعه حكاية الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم إذا لم يكن من سمعه منه ثقة، والظاهر من حال التابعين خاصة أنهم قد أخذو الحديث عن الصحابة وهم عدول.
٢ - أن أهل تلك القرون كان غالب حالهم الصدق والعدالة، بشهادة النبي صلى الله عليه وسلم لهم، فحيث لم نطلع على ما يجرح الراوي فالظاهر أنه عدل مقبول الحديث.
وقد دارت حول المسألة مناقشات كثيرة استوفاها دراسة وبحثا الحافظ العلائي في كتابه القيم "جامع التحصيل"، لا نطيل بها.
إلا أنا نلاحظ أن الحديث المرسل دائر بين احتمالي الصحة والضعف