والثالث: إن كان باثنين فصاعدا مع التوالي فهو المعضل، وإلا فالمنقطع". فتناولوا بذلك كل مواضع السقط.
وهناك بحث لانقطاع السند من حيث طبيعة الانقطاع في الظهور أو الخفاء، فإنه قد يكون واضحا أو خفيا، فالأول يدرك بعدم التلاقي بينهما حيث لم يجمعهما عصر واحد، وذلك ما يتوصل إليه بعلم تاريخ الرواة، والثاني الخفي وهو المدلس ويرد بصيغة تحتمل اللقي والسماع كعن، وقال، والمرسل الخفي ممن معاصر لم يلق من حدث عنه (١).
وفي هذين النوعين: المدلس، والمرسل الخفي، تبدو دقة المحدثين المنهجية، ويظهر ما انتهوا إليه من غاية البراعة والحذق، حيث فرقوا بين المدلس وبين المرسل الخفي بالنظر إلى طبيعة الأداء في كل ومقصده، فمن قصد التعمية والتغطية وإيهام السماع فهو مدلس مذموم، ومن قصد مجرد الرواية حسبما يحضره في المجلس فهذا العمل منه إرسال خفي، لذلك استثنى الحاكم هذا النوع في كتابه معرفة علوم الحديث فقال:
"ففي هؤلاء الأئمة المذكورين بالتدليس من التابعين جماعة وأتباعهم، غير أني لم أذكرهم فإن غرضهم من ذكر الرواية أن يدعوا إلى الله عز وجل، فكانوا يقولون:"قال فلان"، لبعض الصحابة، فأما غير التابعين فأغراضهم فيه مختلفة".
ثالثا: أن الحكم باتصال السند أو انقطاعه لا يعتمد فيه نقاد الحديث على توالي الفترات الزمنية للرواة ليكون الحديث متصلا، أو على وجود ثغرات زمنية بين الرواي ومن فوقه فيكون منقطعا.
ولقد جانب التوفيق بعض المستشرقين حيث زعم أن المحدثين اكتفوا بمجرد توالي فترات الزمن لرواة في حكمهم باتصال السند. وهذه أبحاث
(١) انظر هذا السبر للانقطاع وأنواعه في شرح النخبة: ٣٦ - ٣٠.