الآيات وإن كانت في الأموال ونحوها فإن الرواية للحديث دين، فهي أجدر من المال في أن يشترط لها هذا الشرط.
هـ- الاتصاف بالمروءة وترك ما يخل بها، وهو كل ما يحط من قدر الإنسان في العرف، الاجتماعي الصحيح، مثل التبول في الطريق، وكثرة السخرية والاستخفاف، لأن من فعل ذلك كان قليل المبالاة، لا نأمن أن يستهتر في نقل الحديث النبوي.
هذه الخصال إذا توفرت في الراوي عرفت عدالته وكان صادقا، لأنها إذا اجتمعت حملت صاحبها على الصدق وصرفته عن الكذب لما توفر فيه من الدوافع الدينية والاجتماعية والنفسية، مع الادراك التام لتصرفاته وتحمل المسؤولية.
ثانيا: الضبط
هذه الصفة تؤهل الراوي لأن يروي الحديث كما سمعه، ومراد المحدثين بالضبط أن يكون الراوي:"متيقظا غير منفعل، حافظا إن حدث من حفظه، ضابطا لكتابه إن حدث من كتابه، وإن كان يحدث بالمعنى اشترط فيه مع ذلك أن يكون عالما بما يحيل المعاني".
ويعرف كون الراوي ضابطا بمقياس قرره العلماء واختبروا به ضبط الرواة، وهو كما لخصه ابن الصلاح:"أن نعتبر -أي نوازن- رواياته بروايات الثقات المعروفين بالضبط والاتقان، فإن وجدنا رواياته موافقة ولو من حيث المعنى لروايتهم أو موافقة لها في الأغلب والمخالفة نادرة، عرفنا حينئذ كونه ضابطا، وإن وجدناه كثير المخالفة لهم عرفنا اختلال ضبطه ولم نحتج بحديثه".
فإذا اجتمع في الراوي هذان الركنان: العدالة والضبط، فهو حجة يلزم العمل بحديثه، ويطلق عليه "ثقة". وذلك لأنه قد تحقق