للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفقهه فقال: "ذكروا في باب اللعان أن الزاني إذا تاب وحسنت توبته، لا يعود محصنا ولا يحد قاذفه بعد ذلك لبقاء ثلمة عرضه، فهذا نظير أن الكاذب لا يقبل خبره أبدا ... ".

٦ - خبر المبتدع:

المبتدع هو من فسق لمخالفته عقيدة السنة، وتنقسم البدعة إلى قسمين: بدعة مكفرة، وبدعة غير مكفرة، أما المبتدع الذي يرمى ببدعة مكفرة فترد روايته قولا واحدا، خلافا لمن شذ في ذلك. لكن ينبغي التثبت مما يرمى به، وألا تسرع بتكفيره، خلافا لما درج عليه كثير من المبتدعة في الأعصر الخالية وفي زماننا هذا حديث تهوكو في رمي المسلمين بالكفر والشرك لمجرد الأوهام (١).

وأما المبتدع الذي لم يبلغ في بدعته حد الخروج عن الملة وخلع ربقة الإسلام فقد قال فيه ابن الصلاح:

"اختلفوا في قبول رواية المبتدع الذي لا يكفر في بدعته، فمنهم من رد روايته مطلقا لأنه فاسق ببدعته .. ، ومنهم من قبل رواية المبتدع إذا لم يكن ممن يستحل الكذب في نصرة مذهبه أو لأهل مذهبه، سواء كان داعية إلى بدعته أو لم يكن.

وقال قوم: تقبل روايته إذا لم يكن داعية إلى بدعته. وهذا مذهب الكثير أو الأكثر من العلماء. وقال أبو حاتم بن حبان البستي من أئمة الحديث: الداعية إلى البدع لا يجوز الاحتجاج به عند أئمتنا قاطبة، لا أعلم بينهم فيه خلافا.

وهذا المذهب الثالث أعدلها وأولالها. والأول بعيد مباعد للشائع


(١) قارن بتدريب الراوي: ٢١٦. ولقط الدرر حاشية نزهة النظر: ٨٩ - ٩٠.

<<  <   >  >>