للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

دار ودارة. والبسابس: القفار واحدها بسبس، ومثلها السباسب، واحدها سبسب وأصلها الصحراء الواسعة الملساء. والعسجدية: كأس مصنوعة من العسجد وهو الذهب. وقوله: قرارتها كسري نصبه على الظرف، يريد أنه كان في قرارة الكأس - وهو أرضها - صورة كسرى. وفي جنباتها وهي نواحيها صورة المها وهو بقر الوحش، وصور فرسان بأيديهم قسيّ ونشاب يرمون تلك المها. وهو معنى قوله تدّريها بالقسيّ الفوارس. والدريئة: الشيء الذي يرمى يعني أنه صب الخمر في الكأس إلى أن بلغت صورة حلوق الفرسان وهو موضع الأزرار. ثم صبّ الماء مقدار رؤوس الصور، وهو الذي تحتازه القلانس.

حدثنا إسماعيل الوراق قال حدثنا إبراهيم بن محمد البصري بمكة قال حدثنا إسماعيل بن عبد الله بن خالد عن أبيه عن جده عن يونس بن يّسار عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أطعموا الطعام، وأفشوا السلام، وكونوا عباد الله إخوانا كما أمركم الله، ولا تناجشوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض ".

قال أبو القاسم: معنى قوله: ولا تناجشوا يقول: لا يزيدّن أحدكم على ثمن سلعة إذا لم يرد شراءها لئلا ينظر إليه من لا بصر له بالسلعة فيغتر به. وأصل النجش: استثارة الشيء، ومنه النجاشي.

وكان محمد بن إسحاق يقول: اسم النجاشي اسم الملك، كقولهم قيصر وهرقل، وكأن اسمه أصحمة بلغتهم وتفسيره بالعربية عطيةّ. وقوله ولا تدابروا يقول: ولا تقاطعوا ولا تهاجروا فأن المتهاجرين إذا ولى كل واحد منهما عن صاحبه فقد أولاه دبره. ويقال: بعت الشيء: إذا بعته فأخرجته من يدك، وبعته: إذا اشتريته. ويستعمل في الضدّين معا. ويقال أبعن الشيء: إذا عرضته للبيع. وينشد: الكامل

وَرَضيِتُ آَلاءَ الكميت فمن يَبعْ ... فرَساً فليس جَوادنا بُمباعِ

أي: بمعرّض للبيع.

اخبرنا أبو القاسم الصائغ قال اخبرنا ابن قتيبة قال: روى أن وفد همدان قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم فلقوه مقبلا من تبوك فقام مالك ابن نمط. الهمداني فقل: يا رسول الله نصيةّ من همدان من كل حاضر وباد، أتوك على قلص نواج، متصلة بحبائل الإسلام، من مخلاف خارف ويام، لا تأخذهم في الله لومة لائم عهدهم لا ينقض عن سنةّ ما حل، ولا سوداء عنقفير، ما قام لعلع، وما جرى اليعفور بصلعّ.

فكتب إليه النبي صلى الله عليه وسلم: هذا كتاب من محمد رسوله الله عليه السلام لمخلاف خارف وأهل جناب الهضب وحقاف الرمل مع وافدها مالك بن نمط ومن اسلم من قومه على أن لهم عزازها وهاطها وفراعها ما أقاموا الصلاة واَتوا الزكاة، يرعون علافها ويأكلون عفاءها، ولنا من دفئهم وصرامهم ما سلموا بالميثاق والأمانة. ولهم من الصدّقة الثلّب والناب والفصيل، والفارض الدّاجن، والكبش الحوري، وعليهم الصاّلغ والقارح.

قوله: نصيةّ. يقول نحن نصيةّ من همدان فرفعه لأنه خبر ابتداء محذوف، والنصيةّ: الرؤساء المختارون. ويقال: انتصيت الشيء إذا اخترته، وأصله من الناصية كما أن الرؤساء من الرأس. والقلص: جماعة القلوص وهي الفتيةّ من الإبل، قال الأصمعي: القلوص من النوق بمنزلة الشابّة من النساء، والجمل بمنزلة الرجل، والبعير بمنزلة الإنسان يقع على الذكر والأنثى. والنواحي: السّراج واحدتها ناجية، والنجّاء: السرعة يمد ويقصر، قال بعض لصوص الأعراض: الرجز

إذا أخذت النهب فالنجا النجا ... أني أخاف الطالب السّفنجّا

وخارف ويام قبيلتان. والمخلاف لأهل اليمن كالأجناد لأهل الشام والكور لأهل العراق والطساسيج لأهل الأهواز والرستاتيق لأهل الجبال.

وقوله: عهدهم لا ينقص عن سنةّ ماحل فالماحل: الساعي، يقال: محل به إلى السلطان. والسوداء العنقفير: الداهية. والسنّة: الطريقة، يريد أنهم لا يزولون عن العهد لسعي الساعي، ولا لشّدّة عظيمة تنزل بهم. ولعلع: جبل بعينه. واليعفور: ولد البقر. والصّلع: الأرض الملساء. والفراع: أعالي الجبال والأشياء المرتفعة واحدها فرعة. والفرعة في غير هذا: القملة ومنه حسان بن الفريعة. والوهاط: ما انخفض من الأرض، والعزاز: ما صلب منها وهو مثل الجلد. والدّفء: الإبل سميت بذلك لأنه يتخذ من أوبارها ما يستدفأ به. والصّرام: النخل لأنها تصرم، ويجوز أن يكون الصرام التمر نفسه. والثلَّب: الجمل المسمن. والناب: الناقة المسنة.

<<  <   >  >>