أمّا قوله:" كان يحطب لها "، فالحطب: الكسب، يقال حطب فلان على أهله أي كسب لهم، والحاطب والجارم والكاسب والجارح سواء لقول العرب: فلان جريمة أهله أي كاسبهم: كسبت المال وكسب زيد المال بغير ألف. وقد حكي في لغة شاذّة أكسبته وليس بالجيّد، والسليك تصغير السلّك وهو فرخ العجل والأنثى سلكة. والبئر الجرر تشبه أن تكون البعيدة القعر مشتق من الاجتران كأنه يبعد مجرر شائها. وآل الرجل: أتباعه وقومه وأشياعه، ومنه قوله تعالى (ادخلوا آل فرعون) يعني أتباعه وقومه، وقد تكون الآل: الأهل أيضا وتقول أهل القرية. في تصغير أهل أهيل كأن الهمزة فيه مبدلة من الهاء ثم أبدلت ألفا لاجتماع الهمزتين في كلمة واحدة كما فعل ذلك في آدم وآخر، فهذا يدل على أن أصل آل أهل أبدلت الهاء همزة ووضع للمعنى الذي ذكرنا. ونظير تصغير آل أهيل ردّ إلى الأصل. وان كان بغير ذلك المعنى قول سيبويه في تصغير مذ إذا سميّ بها منيذ،.قال لأن الأصل فيها منذ فحذفت منها النون حين جعلت اسما لأن منذ عنده حرف خافض وهو مذهب أكثر العرب. ومذ اسم للزمان يرتفع ما بعده بالابتداء ففصل بينهما لذلك. فإذا نقلها من هذا الموضع قال في تصغيرها منيذ لأن المصغر لا يكون على أقل من ثلاثة أحرف. وان سهي بها امرأة منيذة كما تقول في تصغير هند هنيدة.
وإبراهيم اسم أعجمي يقول أهل النحو في وزنه قولين، فال بعضهم في تصغيره أبيره، وأبيريه في العوض. وان جمعه جمع التكسير قال أباره، وقال بعضهم: الهمزة فيه مزيدة ألا أن الهمزة لا تزاد أولا فيما جاوز ثلاثة أحرف ولكنها جاءت في أول هذا مزيدة شاذا، فتقديره عنده افعاليل فيقول في تصغيره بريهيم وفي الجمع براهمة. وكذلك القول في إسماعيل تقول. ويقال في تصغيره على هذا المذهب الثاني سميعيل في التصغير، وسماعلة في الجمع.
والنضر: الذهب، والنضار أيضا وكذلك النضار ضرب من الخشب. والكنانة: الجعبة وجمعها كنائن، ومن أمثال العرب " قبل الرماء تملأ الكنائن ". وقصيّ: فعيل من القصو، يقال ناقة قصواء أي مقطوعة الأذن. ولا يقال جمل أقصى، ويجوز أن يكون اشتقاقه من الإقصاء وهو الأبعاد ألا أن ذاك أصبح قياسا وأطرد. وأرباب: جمع رب، والرب: المالك للشيء، وا لرب: المصلح، والرب: السيد.
وفي اشتقاق مكة قولان، قال بعضهم: هو من قولك أمتك الصيف ما في خلف الناقة من اللبن: إذا شربه اجمع كأنها تجذب الناس إليها من جميع الآفاق. وقال آخرون أصلها بكّة والميم مبدلة من الباء كما قيل سمد رأسه وسبده إذا استأصل شعره. وسميت بذلك لأنها تبكّ أعناق الجبابرة أي تدقها. وقال بعضهم: سميت بذلك لأن الناس يتباكون فيها أي يتزاحمون. ولباب الشيء: خالصه، وكذلك لبه. والحسب: الكرم والشرف، وقال أهل اللغة: اشتقاق الحسب من الحساب من قولك حسبت الشيء إذا عددته فكأنه الذي يعد لنفسه مآثر وأفعالا حسنة أو يعد آباء أشرافا.
والمعدن: المقام من قولك عدن بالمكان: إذا أقام به ومنه (جنات عدن) أي جنات إقامة، وهكذا رواه لنا بالفتح. وكل ما كان على فعل يفعل مثل ضرب يضرب ونصب ينصب فالمصدر منه على مفعل مكسور العين كقولك ضربت ضربا ومضربا إذا أردت المصدر، والمضرب: المكان الذي يضرب فيه وكذلك الزمان أيضا يبنى على مفعل كقول العرب " أتت الناقة على مضربها " أي على وقت ضرابها. فأما قول زياد الأعجم الطويل
فما ترك الهاجون لي أن هجوته ... مصحّا أراه في أديم الفرزدق
فانه أراد مكانا صحيحا، والمصدر مصحّ بالفتح كما ذكرت.
وما كان فَعِل يَفَعْلَ مثل علم يعلم، وشرب يشرب أو على فَعَلَ يفعُل، مثل قتل يقتل فالزمان والمكان منه والمصدر على مَفْعَل كله مفتوح العين كقولك: المذهب، والمشرب، والمعلم. ويقال عدن بالمكان يعِدن بكسر المضارع. فالمعدن على هذه اللغة يجب ان يكون مكسور الدال، ويقال يعدُن بالضم. والمعدن من هذه اللغة مفتوح الدال، فتفهم هذا فقد جاءت فيه اللغتان وراجعنا فيه هذا الشيخ الذي أملى علينا الخبر فأبى أن يقول ألا معدَنا بالفتح قال: وكذلك سمعته وقد كان هو أيضاً فصيحاً.
والحلف: المحالف، وكانت العرب في الجاهلية تحالف القبيلة من هو بعضهم لبعض أن تكون يدهم واحدة. فكانوا يوفون بذلك ولا يتخاذلون، ويرونه ديناً يتدينون به.