للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عمر بن عبد العزيز استحفره بئرا بالعذبة. فقال لي: وأين العذبة؟ قلت: على مسيرة ليلتين من البصرة. فأحفرني وتذمّم إلاّ يكون بمثل هذا الموضع ماء واشترط عليّ أن أدلّ شارب ابن السبيل ثم حييته في يوم الجمعة فوجدته يخطب فسمعته يقول: " أيها الناس إنكم ميتون ثم أنكم مبعوثون ثم إنكم تحاسبون. فلئن كنتم صادقين لقد قصّرتم. ولئن كنتم كاذبين لقد كذبتم. أيها الناس انه من يقدر له رزق برأس جبل أو حضيض أرض يأته فاحملوا في الطلب ". قال: فأقمت عنده شهرا ما بي إلا استماع كلامه.

اخبرنا الأخفش قال اخبرنا المبرد قال: نقل الرواة انه لما توفي عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق ولم تحضر عائشة زارت قبره فقالت: يا أخي إني لو حضرت وفاتك ما زرت قبرك. وأنشأت تقول متمثلة: الطويل وكنا كندماني جذيمة حقبة من الدهر حتى قيل لن يتصدَّعا

فلما تفرقنا كأني ومالكا ... لطول اجتماع لم نبت ليلة معها

ثم إنها حفرت أبا بكر وهو يجود بنفسه فقالت: هذا والله كما قال حاتم: الطويل

أماوّى ما يغني المراء عن الفتى ... إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر

فقال لها أبو بكر: يا بنيةّ لا تقولي هكذا ولكن قولي (وجاءت سكر الحق بالموت) وهكذا كان يقروها أبو بكر رحمه الله.

أنشدنا الأخفش والزجاج قال أنشدنا المبرد لأبي العتاهية يرثى علي بن ثابت وكان مؤاخيا له، قال أبو العباس: كان علي أديبا ناسكا شاعرا ظريفا: الوافر

ألا من لي بأنسك أي أخيّا ... ومن لي أن أبثك ما لديّا

طوتك خطوب دهرك بعد نشر ... كذاك خطوبه نشرا وطيّا

فلو نشرت قواك لي المنايا ... شكوت إليك ما صنعت إلياّ

وكانت في حياتك لي عظات ... وأنت اليوم أوعظ منك حيّا

قال أبو العباس: اخذ هذا من قول بعض الأعاجم حضر ملكا لهم مات فقال: كان الملك أمس أنطق منه اليوم، وهو اليوم أوعظ منه أمس.

وقال أبو العتاهية فيه أيضا: الخفيف

يا علي بن ثابت أين أنتا ... أنت بين القبور حيث دفنتا

يا علي بن ثابت بان منّي ... صاحب جلّ فقده يوم بنتا

قد لعمري حكيت لي غصص المو ... ت وحركتني لها وسكنتا

قال أبو العباس: وهذا أيضا مأخوذ من قول بعض الأعاجم حضر موت صديق له، فلما قضى ارتفعت الأصوات بالبكاء عليه فقال: حركنا بسكونه.

وقال أبو العتاهية في عليّ بن ثابت أيضا: مجزوء الخفيف

صاحب كان لي هلك ... والسبيل التي سلك

كل حيّ مملّك ... سوف يفنى وما ملك

يا عليّ بن ثابت ... غفر الله لي ولك

اخبرنا عبد الله بن مالك قال اخبرني محمد بن أبي عبيد البصري عن أسد بن سعيد بن حنين عن أبيه قال حدثني ابن مغني رجل من ولد سعيد بن العاص قال حدثني إسحاق بن سعد بن عمرو بن سعيد بن العاص قال: كان العرجي وهو عبد الله بن عمر بن عثمان بن عفان يشبب بامرأة محمد بن هشام قال ابن مغني: وأما الهذلي يزيد بن عبد الله فحدثني انه كان يشبب بامرأته الحارثية وهو القائل: السريع

عوجي علينا ربة الهودج ... انك إن لا تفعلي تحرجي

ايسر ما قال حبيب لدى ... بين حبيب قوله عرّجي

تقض إليه حاجة أو يقل ... هل لي مما بي من مخرج

من حباكم بنتم ولم ينصرم ... وجد فؤادي الهائم المنضج

فما استطاعت غير أن أومأت ... بطرف عين شادن أدعج

تذود بالبرد لها عبرة ... جاءت بها العين ولم تنتج

مخافة الواشين أن يفطنوا ... بشاتها والكاشح المزمج

أقول لماّ فاتني منهم ... ما كنت من وصلهم ارتجي

إنّي أتيحت لي يمانية ... إحدى بني الحارث من مذحج

أحجّ إن حجّت وماذا مني ... واهنة إن هي لم تحجج

اخبرنا عبد الله بن الأعرابي الحارث الفهري إن إبراهيم بن المنذر حدّثهم قال حدثني محمد بن معن الغفاري قال اخبرني عمر بن عبد الله بن نصر قال: كنت جالسا عند طلحة بن عمر بن عبيد الله بن معمر فدخل علينا كثير وأنا أتمثلّ بقول جميل: الطويل

<<  <   >  >>