للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

الاحمر فان لَهُ مَا يستندر هَذَا مَا أوردهُ وَأَنت اذا أنصفت لم تقدم على هَذِه الْمقَالة فى حق مَا أوردهُ من هَذِه الابيات فانها متنزهة عَن التَّكَلُّف والاعتساف وترجمه عبد الْكَرِيم بن سِنَان المنشى فَأحْسن فى تَرْجَمته كل الاحسان حَيْثُ قَالَ على الذَّات قدسى الصِّفَات الْعقل الحادى عشر روح الْقُدس فى صُورَة الْبشر درة مقدسية الصدف من فاق شمس الاشراق فى الشّرف صَاحب أنفاس قدسية وفصاحة قسية نخبة عصره وعزيز مصره لَهُ اخلاق أرق من نسمات السحر وألطف من نغمات الْوتر تحلى جيده بقلائد الْفَتْوَى وعقدت لَهُ بِالْقَاهِرَةِ عروس الْفَتْوَى وَكنت فى شرخ الشَّبَاب ركبت غارب الاغتراب فَلَمَّا أنخت مَطِيَّة السّفر بِالْقَاهِرَةِ المعزيه أشرفت على شمس ذَاته العليه فتقرطقت أذنى بلآلئ كَلَامه واكتحلت عينى بمواقع أقلامه وَذَلِكَ التَّارِيخ فى حُدُود التسعين وَالشَّيْخ قدرقى شرف الثَّمَانِينَ وهواى اذ ذَاك مَعَ الركب اليمانين قَرَأت عَلَيْهِ مُقَدّمَة الاعراب الحاجبية وسرحت طرف الطّرف فى رياض فضائله الجنية وَكَانَ مَعَ غزارة فَضله جَامعا بَين النّظم والنثر وناظما لَهما فى سلك السحر وَله آثَار يحِق أَن تكْتب بِالنورِ على صفحات وجنات الْحور وَكَانَ لَهُ من الزّهْد حَظّ وافر وَقد رزق من الْعُمر مَا ألحق الاصاغر بالاكابر وَلم يزل بنان قلمه يحل عقد الْمسَائِل ومورد فَضله لكل سَائل سَائل الى أَن ختمت صفحات حَسَنَاته وجف من منهل الْعُمر مَاء حَيَاته وَله أَبْيَات يقرظ بهَا كتابا حازت من نقد البلاغة نِصَابا ويعجبنى مِنْهَا فى الِاعْتِذَار عَن التقريظ بَيت ولعمرى انه بَيت لَا يُقَال فِيهِ لَو وَلَا لَيْت هُوَ

(جعلت تقريظى لَهُ عوذة ... تقيه من شَرّ أَذَى الْعين)

انْتهى وَذكره ابْن نوعى فى ذيل الشقائق واستوعب ذكر علومه وأحواله ثمَّ قَالَ وَكَانَ مَعَ علمه الزاخر عَالما بِغَرَائِب الْفُنُون وَله أفاعيل عَجِيبَة فى بَاب السيميا مِنْهَا مَا حكى ان أَحْمد باشا الْحَافِظ لما كَانَ واليا بِمصْر فى حُدُود سنة ألف غضب على بعض الجناة فَأمر بِهِ الى مركب الْحجر وَكَانَ لَهُ وَالِد ووالدة فتوسلا بالشيخ فشفع عِنْده فِيهِ فَلم يقبل شَفَاعَته فَأرَاهُ فى الْحَال من ضروب السيميا انه جَاءَهُ من طرف الدولة بريد وانه خرج الى استقباله فى مركب فصادف مراكب الفرنج فأسروه هُوَ وجماعته وربطوهم للجدف بالمجاديف فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِك اذ رأى الشَّيْخ المترجم وَاقِفًا على سَاحل الْبَحْر وَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>