للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

خصصت قوما ومنعت آخَرين فَصَعدَ النّظر الى نَاحيَة الشَّيْخ عمر وَكَانَ أجمل أهل زَمَانه فَرَأى لحيتة قد استوفت الْغَايَة وَكَانَ لَهُ ثَلَاث سنوات قد نبت الشّعْر بخديه فَأعْطَاهُ وساله عَن لحيته فَقَالَ لَهَا ثَلَاث سنوات قد طلعت وَكَانَ هَذِه الْمدَّة لَا يرفع رَأسه نَحوه وبرع فى فنون كَثِيرَة وانتفع بِهِ كثير من الْفُضَلَاء مِنْهُم أَحْمد بن شاهين واسمعيل النابلسى الصَّغِير وَعبد الْوَهَّاب الفرفورى وَالسَّيِّد مُحَمَّد بن حَمْزَة النَّقِيب وَغَيرهم ودرس بِالْمَدْرَسَةِ الشامية الجوانية وَكَانَ لَهُ بقْعَة تدريس بالجامع الاموى وَكتب الْخط الْمَنْسُوب على الشَّيْخ مُحَمَّد الحرستانى نزيل دمشق ونال جاها وثروة بِسَبَب أوقاف انْتَقَلت اليه وانحصرت فِيهِ وَكَانَت دَاعِيَة لكلال طبعة فى الْجُمْلَة من الْجد والاشتغال الذى كَانَ فِيهِ ويحكي انه لما تشاغل بهَا كَانَ الْحسن البورينى يَقُول الْآن نلْت أمانى من الزَّمَان يُشِير الى أَنه طَالب التفوق عَلَيْهِ فى الشُّهْرَة وَكَانَ بَينهمَا مَا بَين الاقران من التنافر وفى نفس الامر لَو كَانَ بقى على جده لادرك مرتبَة غَايَة فى الشُّهْرَة على انه مَا قصر عَنْهَا وَكَانَ البورينى الْمَذْكُور يَقُول عَنهُ انه وجود بَين عدمين يُشِير الى أَن أَبَاهُ لم يكن من أهل الْعلم وَخرج ابْنه على على غير سمته فانه كَانَ من العسرك وَبِالْجُمْلَةِ ففضائل الشَّيْخ عمر أَكثر من أَن تعد وآثاره لَا تحصى وَلَا تحد وَكَانَ لَهُ مَعَ هَذِه الْكُلية شئ من النّظم فَمن ذَلِك مَا قرأته بِخَطِّهِ

(لَوْلَا ثَلَاث هن أقْصَى المُرَاد ... مَا اخْتَرْت ان أبقى بدار النفاد)

(تَهْذِيب نفسى بالعلوم الَّتِى ... بِهِ لقد نلْت جَمِيع المُرَاد)

(وَطَاعَة أَرْجُو باخلاصها ... نورا بِهِ تشرق أَرض الْفُؤَاد)

(كَذَاك عرفان الاله الذى ... لاجله كَانَ وجود الْعباد)

(فأسأل الرَّحْمَن بالمصطفى ... وَآله التَّوْفِيق فَهُوَ الْجواد)

وَمثله لبَعْضهِم ورايته بِخَطِّهِ فِيمَا أَظن

(لَوْلَا ثَلَاث خِصَال هن من أمْلى ... مَا كنت أَو ثران يَمْتَد بى أجلى)

(كسب الْعُلُوم الَّتِى من نور بهجتها ... يبين لى مسلكى فى القَوْل وَالْعَمَل)

(وجبر خاطر من قد ذل جَانِبه ... وَلم يجد مسعفا فى الْحَادِث الجلل)

(كَذَاك لله تسليمى ومرتجعى ... فَهَذِهِ جلّ مَا أرجوه من أمْلى)

(فيا اله الورى سهل مطالبها ... فَأَنت غوث لمن يَرْجُو النجَاة ولى)

وَمرض مرّة فَلم يعده ابْن شاهين فَلَمَّا نصل من مَرضه أرسل اليه رقْعَة يعتبه فِيهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>