للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ هلاكو احْبِسُوهُ ان صدق أطلقناه وأحسنا اليه وان كذب قَتَلْنَاهُ فحبس الى اللَّيْلَة الْمَذْكُورَة فَخسفَ الْقَمَر خسوفا بَالغا وَاتفقَ ان هلاكو غلب عَلَيْهِ السكر تِلْكَ اللَّيْلَة فَنَامَ وَلم يَجْسُر أحد على انباهه فَقيل للنصير ذَلِك فَقَالَ ان لم ير الْقَمَر بعينة والا فَأصْبح مقتولا لَا محَالة وفكر سَاعَة ثمَّ قَالَ للمغل دقوا على الطاسات والا يذهب قمركم الى يَوْم الْقِيَامَة فشرع كل وَاحِد يدق على طاسة فعظمت الغوغاء فانتبه هلاكو بِهَذِهِ الْحِيلَة وَرَأى الْقَمَر قد خسف فَصدقهُ وبقى ذَلِك الى يَوْمنَا هَذَا وعَلى هَذَا فَمن ظريف مَا يحْكى ان شخصا من ظرفاء الْعَجم كَانَ جَالِسا مَعَ بعض كبرائهم على بركَة مَاء صَاف تحكى خيال مَا قابلها فَقَامَ سَاق جميل الْوَجْه يسقى فَتَنَاول مِنْهُ الطاس ليشْرب فَأَمْسكهَا حينا نَاظرا لخيال الساقى فى المَاء مشتغلا بذلك عَن اعادتها اليه فَفطن كَبِير الْمجْلس لذَلِك فحرك المَاء بقضيب كَانَ فى يَده فَعِنْدَ تحريكه ذهب خيال تِلْكَ الصُّورَة فَأخذ ذَلِك الشَّخْص الظريف يضْرب على الطاس فَسَأَلَهُ من كَانَ مَعَه عَن ذَلِك فَأجَاب بقوله هَذِه عَادَة بِلَادنَا اذا خسف الْقَمَر فاستظرف الْكَبِير والحاضرون مِنْهُ ذَلِك وَقد كَانَ شغلهمْ مَا شغله كَذَلِك قلت وَمن هَذَا الْبَاب بل أدق مِنْهُ تخيلا وأرق مسلكاً مَا قرأته فِي ديوَان أبي بكر الْعمريّ قَالَ وَمِمَّا اتّفق لي أَنِّي كنت مرّة جَالِسا بِالْمَكَانِ الْمعد لبيع القهوة الْمُسَمّى بالقهوة الجديدة تَحت قلعة دمشق والى جانبى الشَّمْس مُحَمَّد بن عين الْملك واذا بِغُلَام بديع الْجمال بارع فى الْحسن والكمال جلس بِالْقربِ منا فأخذنا نتأمله ونتواصف محاسنه ولطف شمايله واذا بِرَجُل طَوِيل من النَّاس غليظ يكَاد يكون جدارا فَجَلَسَ بازائنا وَحَال بَيْننَا وَبَين رُؤْيَة الْغُلَام فَحصل لنا غم شَدِيد فَقَالَ ابْن عين الْملك الْغُلَام هُوَ الْقَمَر وَهَذَا الغليظ هُوَ الخسوف لانه حجب عَنَّا رُؤْيَته فَبينا نَحن فى تِلْكَ المصاحبة واذا بِالرجلِ نزع عمَامَته فاذا هُوَ أَقرع وَكَانَ رَأسه قِطْعَة من النّحاس فَقلت للشمسنى مُحَمَّد الْآن صَحَّ تشبيهك فَقَالَ اذا يجوز ان تنظم هَذَا الْمَعْنى فَأخذت الْقَلَم وكتبت ارتجالا

(حجب الْبَدْر أَقرع عَن عيونى ... فغدا الطّرف خاسئا مطروفا)

(قَالَ لى اللائمون كف فناديت دعونى وأقصروا التعنيفا ... )

(عَادَة الْبَدْر ينجلى لَيْلَة الْخَسْف بدق النّحاس دقا عنيفا ... )

(وتراءيت طاسة فَجعلت الصفع دقا فَكَانَ عذرا لطيفا ... )

وَمن شعره الى الصَّغِيرَة قَوْله معميا فى علوان

<<  <  ج: ص:  >  >>