للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

جمعهَا وصل خَبَرهَا الى السُّلْطَان أَحْمد فطلبها وقرئت بِمحضر مِنْهُ فَمَاتَتْ قرَاءَتهَا الا وأرعدت السَّمَاء وأبرقت وَنزلت صَاعِقَة بِالْقربِ من مَكَان الْقِرَاءَة وَلِهَذَا شاع بَين النَّاس أَن قرَاءَتهَا تورث بلَاء مَا وَأدْركَ عهد السُّلْطَان مُرَاد وَكَانَ السُّلْطَان يُحِبهُ ويقربه وتعجبه مسامرته وَلما ولى الوزارة الْعُظْمَى بيرام باشا وَكَانَ طاعنا فى السن وَفِيه غَفلَة أمره السُّلْطَان بهجائه فَامْتنعَ من ذَلِك فألح عَلَيْهِ السُّلْطَان فَفعل قصيدة طَوِيلَة أفرط فِيهَا كل الافراط فبلغت الْوَزير فتألم وأكن لَهُ الْقَتْل ثمَّ دخل الْوَزير الى السُّلْطَان شاكيا مِنْهُ وَقَالَ لَهُ ان لم تقتل نفعى فقد اخْتَرْت أَن تقتلنى وأبرم على السُّلْطَان بذلك ففوض اليه أمره فَقتله هَكَذَا تلقيته من الافواه ثمَّ حكى بعض من لَهُ اطلَاع على أمره أَن الْوَزير لما بلغه هجوه اياه طلب نائلى الشَّاعِر الْمَشْهُور وَكَانَ مِمَّن تخرج على نفعى وَله بِهِ زِيَادَة اتِّصَال وَأمره بِأَن يهجو نفعى وَلَا زَالَ يبرم عَلَيْهِ حَتَّى هجاه بقصيدة وكتبها للوزير بِخَطِّهِ وَأَعْطَاهُ اياها فَطلب نفعى وَأَعْطَاهُ الورقة فَفطن للغرض وأخذته الحدة فَطرح الورقة قبالة الْوَزير بغيظ فحنق الْوَزير وَقَتله فى الْحَال وَكَانَ قَتله فى سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَألف قلت وقصة قَتله شَبيهَة بِقصَّة قتل ابْن الرومى وَقد حَكَاهَا كثير من المؤرخين وَذَلِكَ أَن الْفضل بن مَرْوَان وَزِير المعتصم العباسى دَعَا أُنَاسًا لوليمة صنعها وَلم يدع ابْن الرومى فافتكره فى آخر الْوَلِيمَة فَجهز خَلفه فَلَمَّا حضر أحضر طبق فِيهِ بيض مصبوغ سَبْعَة ألوان فَمد يَده ابْن الرومى وَأكل بَيْضَة حَمْرَاء وَتوجه فَصنعَ هذَيْن الْبَيْتَيْنِ وهما قَوْله

(وزيرنا أكْرم من حَاتِم ... أكلت فى دَعوته بيضه)

(قذ أدخلتها أمه فى استها ... وضمختها بِدَم الحيضه)

فَلَمَّا سمع المعتصم الْبَيْتَيْنِ ضحك ثمَّ نَادَى ابْن الرومى وَقَالَ لَهُ اهجنى فَقَالَ الله الله من ذَلِك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ كَيفَ أهجو من مدحه الله وَرَسُوله فَقَالَ لَهُ المعتصم هَذَا على سَبِيل المداعبة لاجل خاطر الْوَزير لَا يغتاظ فَامْتنعَ من ذَلِك فالح عَلَيْهِ المعتصم فَقَالَ

(مُلُوك بنى الْعَبَّاس فى الارض سَبْعَة ... وَلم تأتنا عَن ثامن لَهُم كتب)

(كَذَلِك أهل الْكَهْف فى الْكَهْف سَبْعَة ... كرام اذا عدوا وثامنهم كلب)

فَضَحِك المعتصم وأسرها فى نَفسه وَقَالَ مَتى خرج من عندى أشهر عَنى الهجو فَلَمَّا حضر السماط أَخذ المعتصم سنبوسكة وشغلها بالسم وناولها لِابْنِ الرومى فَقَامَ وَأَخذهَا وَلم يشْعر بِمَا فِيهَا فَلَمَّا أكلهَا والسم فِيهَا قَامَ مستعجلا وَهُوَ ماسك قلبه

<<  <  ج: ص:  >  >>