السُّلْطَان اذ ذَاك قد رَجَعَ من فتح بَغْدَاد وَوصل الى حلب فَخَرَجَا من دمشق ووصلا اليه وتمت الامور الَّتِى أرسلا لاجلها وَاجْتمعَ صَاحب التَّرْجَمَة بوزير السُّلْطَان الْمَذْكُور مصطفى باشا وَكتب اليه قصيدة يحثه فِيهَا على ازالة العبيد الخصيان من الْمَسْجِد النبوى وَالْقَصِيدَة هَذِه
(يَا مصطفى بالمصطفى العدنان ... وبآى قُرْآن عَظِيم الشان)
(لَا تجعلن على الْمَدِينَة أسودا ... شَيخا على حرم النبى العدنان)
(وَكَذَلِكَ الحبشان أَيْضا منهمو ... فهمو همو لَا خير فى الحبشان)
(بل جَاءَ فى خبر رَوَاهُ بَعضهم ... هَا لَفظه لَا خير فى الحبشان)
(قوم لَهُم طمع شَدِيد زَائِد ... لَا يشبعون من الحطام الفانى)
(لَوْلَا المخافة مِنْهُم لاتاكم ... شاكون من هم وَمن أحزان)
(واذا أردتم أَنكُمْ تتيقنوا ... أَحْوَالهم من غير مَا بهتان)
(فلتسألوا حنفى أفندى عَنْهُم ... يُخْبِركُمْ عَن خلسة الْغرْبَان)
(مَا كل مَا يدرى يُقَال وَأَنْتُم ... أدرى بطيش السَّادة الخصيان)
(يستنزلون لاخذ مَا قد جَاءَ من ... صدقَات خير للْفَقِير العانى)
(فَيُصِيب أهل الْفضل من صَدقَاتكُمْ ... مَا سَاءَ هم من أسْهم الحرمان)
(فَانْظُر لنا شَيخا تقيا صَالحا ... مستنزها عَن ذَا الحطام الفانى)
(ان لم يجز الاخصيا اسودا ... فاخصوا لنا شَيخا من البيضان)
(يَا وَيحكم ان لم تراعوا حَقنا ... يَوْم الْحساب بِحَضْرَة الديَّان)
(يَوْمًا تَكُونُوا مثلنَا مَا ان لكم ... فى النَّاس من أَمر وَمن سُلْطَان)
(هدى نصيحة غرسكم فى رَوْضَة الهادى الى الاسلام والايمان ... )
(يَدْعُو لسلطان الورى ولمصطفى ... سيف الاله وعاضد السُّلْطَان)
وَلما عَاد صَاحب التَّرْجَمَة أنزلهُ الْفَاضِل أَحْمد بن شاهين عِنْده وَأَقْبَلت عَلَيْهِ عُلَمَاء دمشق وَأخذ عَنهُ جمَاعَة من أَهلهَا مِنْهُم الشَّيْخ مُحَمَّد بن على المكتبى وَذكره فى ثبته وَأثْنى عَلَيْهِ قَالَ وَمِمَّا اتّفق لَهُ انه نظم لنا الشمايل فى لَيْلَة وَاحِدَة فِيمَا بَين الْمغرب وَالْعشَاء وَكتب عَنهُ أناشيد وأمالى لنَفسِهِ وَلغيره فَمن ذَلِك قَوْله
(انى لَا عجب مِمَّا ... صَار الزَّمَان اليه)
(اذا مَا بَكَيْت لدهر ... الا بَكَيْت عَلَيْهِ)