(وَأَبِيك كنت أحد مِنْك نواظرا ... وَبِكُل قلب من جفاى كَلَام)
(وَالسحر الا فى لسانى منطق ... وَالْحسن الا فى يدى ختام)
(لدن الْقَوْم مصونة أعطافه ... عَن أَن تمد يدا لَهَا الاوهام)
(متمنعا لَا الْوَعْد يدنى وَصله ... يَوْمًا وَلَا لخياله المام)
(حَتَّى خلفت السقم فِيهِ بنظرة ... وَلَقَد يلاقى ظلمه الظلام)
(وتنوعت أدواؤه فبطرفه ... شكل الرَّقِيب وفى الصماخ ملام)
(ألف التجنب فى هَوَاك فقربه ... للنَّاس بعْدك خطْوَة وَسَلام)
ثمَّ مل الاقامة بَين عشيرته فَخرج من حلب وَطَاف الْبِلَاد وَكَانَ كثير التنقل لَا يسْتَقرّ بمَكَان الا جدد لآخر عزما وفى ذَلِك يَقُول وَقد أحسن كلا الاحسان
(أَنا التارك الاوطان والنازح الذى ... تتبع ركب الْعِشْق فى زى قائف)
(وَمَا زلت أطوى نفنفا بعد نفنف ... كأنى مَخْلُوق لطى النفانف)
(فَلَا تعذلونى ان رَأَيْتُمْ كتابتى ... بِكُل مَكَان حلّه كل طائف)
(لَعَلَّ الذى باينت عيشى لبينه ... وأفنيت فِيهِ تالدى ثمَّ طارفى)
(تكلفه الايام أَرضًا حللتها ... أَلا انما الايام طرق التكالف)
(فيملى عَلَيْهِ الدَّهْر مَا قد كتبته ... فيعطف نحوى غُصْن تِلْكَ المعاطف)
وَدخل دمشق مَرَّات وَأقَام بهَا مُدَّة وَاتفقَ عِنْد دُخُوله الاول جمَاعَة من الادباء المجيدين وَكَانَ لَهُم مجَالِس تجرى بَينهم فِيهَا مفاكهات ومحاورات يروق سماعهَا فاختلوا بِهِ وَعمِلُوا لَهُ دعوات وَكَانُوا يَجْتَمعُونَ على أرغد عَيْش وَجَرت لَهُم محافل سطرت عَنْهُم وَلَوْلَا خوف التَّطْوِيل لذكرت بَعْضهَا ثمَّ سَافر الى الْقَاهِرَة وَهَاجَر الى الْحَرَمَيْنِ وَاسْتقر آخر بِالْمَدِينَةِ وَله فى مطافه القصائد والرسائل الرائقة يمدح بهَا أَعْيَان عصره وَمن أرقها قَوْله يُعَاتب
(غرست لكم فى الْمَدْح مَا اخضر عوده ... وَأَلْقَتْ اليه الزهر عقدا من الزهر)
(وَصَارَت عُيُون المنصفين قلائدا ... عَلَيْهِ وَعين الحقد تنظر عَن شزر)
(وَقلت ستندى بالثمار أناملى ... فَمَا كَانَ الا أَن قبضت على جمر)
(وعدت كَمَا عَاد المسئ مذمما ... أغص بشكرى وَهُوَ يحْسب من وزرى)
(وَمَا سَاءَ حظا كالذى اجتلب الْهوى ... وأسلمه مَحْض الوداد الى الهجر)
وَمن نثرها عهدى بالشيخ جبلا آوى اليه وَحمى أحوم حوله وعمادا اعْتمد بعد الله