شَيخنَا الشَّيْخ عبد الحى بن الْعِمَاد العكرى الْمُقدم ذكره فَقَرَأَ عَلَيْهِ كثيرا واغتنمت فى صحبته مَعَه ليالى وأياما مَا زلت أذكرها ثمَّ بعد وَفَاة شَيخنَا الْمَذْكُور لزم شَيخنَا الشَّيْخ رَمَضَان العطيفي فَقَرَأَ عَلَيْهِ الدُّرَر وَالْغرر وَمَات شَيخنَا وَلم يكمله فشرع فى تتميمه على شَيخنَا الشَّيْخ ابراهيم الفتال ثمَّ بعد وَفَاة الفتال قَرَأَ دروسا مِنْهُ على شَيخنَا الشَّيْخ عبد الْقَادِر بن عبد الهادى ودرس بِالْمَدْرَسَةِ الخاتونية والمقدمية وهى مَشْرُوطَة لَهُم وسافر الى الرّوم وَحج وَجمع من نفائس الْكتب والذخائر مَا لم يجْتَمع عِنْد أحد من أَبنَاء عصره وَولى رياسة الْكتاب ثمَّ مرض وَطَالَ مَرضه مُدَّة الى أَن توفى وَكَانَت وَفَاته فى أَوَائِل ذى الْحجَّة سنة مائَة وَألف عَن سِتّ وَخمسين سنة وَدفن بمقبرة الفراديس الْمَعْرُوفَة بتربة الغرباء عِنْد أسلافه بنى الاسطوانى
فضل الله بن عِيسَى البوسنوى الحنفى نزيل دمشق الامام المفنن الاستاذ الشهير كَانَ أحد أَعْيَان الْعلمَاء معرفَة واتقانا وحفظا وضبطا للفقه وتفهما فى علله مُمَيّزا لصحيح الاقوال من سقيمها مستحضر الْكثير من الْفُرُوع على تشعبها وَكَانَ عَارِفًا بالاصلين والْحَدِيث وفنون الادب حق الْمعرفَة نظارا كثير الِاشْتِغَال حسن العقيدة فى الصلحاء قَرَأَ فى بلدته بوسنة الْكثير وَحصل ثمَّ ولى الافتاء ببلدة بلغراد وَتعين بهَا كل التعين ثمَّ خرج مِنْهَا بنية الْحَج وَدخل دمشق فى سنة عشْرين وَألف وَحج من طريقها فى تِلْكَ السّنة وَلما رَجَعَ الى دمشق توطنها واقتنى دَارا دَاخل بَاب الْجَابِيَة بمحلة الشَّيْخ عَمُود ودرس أَولا بِالْمَدْرَسَةِ الامينية ثمَّ أَخذ الْمدرسَة التقوية عَن الشهَاب العيثاوى فى شهر رَمَضَان سنة احدى وَعشْرين وَألف ووجهت اليه الْحُجْرَة الَّتِى فى المشهد الشرقى الْمَعْرُوف بمشهد الْمحيا بالجامع الاموى واتخذها محلا لدروسه الْخَاصَّة وَقَرَأَ عَلَيْهِ غَالب أَعْيَان الْفُضَلَاء فى الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة والنقلية وَكَانَ يقررها أحسن تَقْرِير وَكَانَ اليه الْغَايَة فى الْقِرَاءَة والتفهيم وَأفْتى مُدَّة طَوِيلَة بِدِمَشْق وَكَانَت فَتَاوِيهِ مرغوبة مَقْبُولَة وَأخذ طَرِيق الخلوتية عَن الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ أَحْمد العسالى الخلوتى الْمُقدم ذكره وَصَارَ خَليفَة وَكَانَ يلازم حَلقَة ميعاده وَيدخل مَعَه الْخلْوَة وَبنى مَسْجِدا بمحلة الحسودية خَارج دمشق بِالْقربِ من جَامع يلبغا ورتب فِيهِ مبرات ووقف عَلَيْهِ حوانيت بسوق الرصيف قرب الْمدرسَة الامينية احتكرها من وقف الْمدرسَة الْمَذْكُورَة وَكَانَ على مَا مكن لَهُ من الطول الطائل والتوسع فى الدُّنْيَا ممسكا جدا خَبِيرا بِأَمْر المعاش وَحكى عَنهُ انه كَانَ يَقُول